للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[فصل في ذكر مقبرة البقيع بالمدينة وما ورد في فضلها وتسميةالمشاهد المعروفة بها وتعيين مواضعها وأهلها]

ـ عن أمِّ المؤمنين عَائِشَة رَضيَ الله عَنهَا قَالَتْ: لَمَّا كَانَ لَيْلَتِي الَّتِي رَسُولُ الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا عِنْدِي، انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءهُ، وَخَلَعَ نَعْلَيْه، فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، فَاضْطَجَعَ. فَلَمْ يَلْبَثْ إلا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ، فَأَخَذَ رِدَاءهُ رُوَيْداً، وَانْتَعَلَ رُوَيْداً، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ. ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْداً. فَجَعَلْتُ (١) دِرْعِي فِي رَأْسِي، وَاخْتَمَرْتُ، وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي. ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ. حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ. فَأَطَالَ الْقِيَامَ. ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ. فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ. فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ. فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ. فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ. فَلَيْسَ إلا أَنِ اضْطَجَعْتُ [فدخل] (٢) فَقَالَ: «مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً؟!» (٣) قَالَتْ: قُلْتُ: لا شَيْءَ. قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! فَأَخْبَرْتُهُ. قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟» قُلْتُ: نَعَمْ. فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً (٤)

أَوْجَعَتْنِي. ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟» قَالَتْ:


(١) في الأصل: (وجعلت).
(٢) الزيادة من صحيح مسلم.
(٣) حشيا رابية: أي مالك قد وقع عليك الحشا، وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه، والمحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره. النهاية (حشا) ١/ ٣٩٢.
(٤) في الأصل: (فلهزني لهزة في صدري). والمثبت من صحيح مسلم والنسائي، واللهد: الدفع الشديد في الصدر، أما اللهز: فهو الضرب بجُمع الكف في الصدر. النهاية ٤/ ٢٨١.