للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لما خالف في الموقف صحيحة، وكونها في استحباب مساواة الموقفين صريحة، فمخالفة رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السنة الواضحة، ومؤالفة العوام الجهلة واستمالة قلوبهم بالبدعة الفاضحة، لاسيما في حضرته المنيفة وبحبوح روضته الشريفة مما يستحل على فاعلها بالطغيان ويحكم على المتمادي فيها من غير عذر بالبغي والعدوان.

وقول المتصوف إن القُرْبَ من أماكن الأعضاء الشريفة قربة، وإن الدنوَ من تلك التربة المقدسة يزيح الكربة؛ كلام مُوِّهَ ظاهره بنظارِ (١) مناظرةٍ عوراء لكن شُوِّهَ باطنه بمخالفة ماثبت من السنة الغراء.

وأخبرني فيما كتب إلي بعض أشياخ الحرم، أنه كان يرى دائماً شيوخ أهل الخير في آن من الأيام ينقصون الرمل من الروضة، وينسفونها بالمساحي، حتى لا يعلو ما حول المحراب من الرخام، محافظة على قرب مقام المأموم في العلو من الإمام، حتى إنهم بالغوا في الحفر مرة يقصدون ما ذكرنا من المساواة ويعنونه، فوجدوا في الروضة يد إنسان مكفنة مدفونة، فحملوا على أنها يد مظلوم، تظلم أو شكى، وظن بجهله أنه يكون ذلك لإشكاتِهِ أوشكا. وأخبر أن جماعة من الحكام العلماء العاملين -ممن شاهدهم وعاصرهم وساعدهم التوفيق في مثل ذلك وناصرهم- كانوا يرفعون مقام الإمام بشيء من الحصا، حتى ترتفع عصا الخلاف ممنْ أطاع ومَنْ عصى، وأن بعض الحكام في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة أراد رفع ما انخفض (٢).


(١) النظَّار: الشديد النظر. المعجم الوسيط (نظر) ٢/ ٩٣٢.
(٢) بياض في الأصل بمقدار سطرين ونصف.