للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وممَّا يُحكى من شَهامتِه، ويُذكر من شدَّةِ صرامته: كان بعضُ مشايخ العلم توفي إلى رحمة الله تعالى وخلَّف أيتاماً ووظائف، فسعى بعض المفيدين عند الأمير وهو من الله غيرُ خائف، وبذل على ذلك جملةً من المال، وأصغى إليه الشَّريف وإلى الباطل مال، ورسم بانتزاعها منهم على كلِّ حال، ولم يبق إلا أَنْ يحضرَ ويباشرَ المُفسدُ المحتال، فقام حينئذٍ المغِيثيُّ واستغاث، وعلم أَنَّ الذِّئب قد استولى على الغنم وعاث، وقال الشيخ: قم بِهِمَّتك معنا في دفع هذا الأذى، فإنَّه واللهِ لا يصلُ هذا اللَّعين إلى هذه الوظيفة إلا أَنْ يُفعل بي كذا وكذا، فبلغ الأميرَ خبرُه فأعرض عن السَّاعي وعن المال، واستقرَّ أولاد الشَّيخ /٤٨٥ في وظائفهم على أجمل الأحوال.

توفي رحمه الله سنة أربعٍ وثلاثين وسبعمائةٍ، ودفن أمام قبة سيدنا إبراهيم عليه السلام.

٤٠ - صوابٌ الجَمداريُّ، شمسُ الدِّين (١). كان من أجاويد الخُدَّام الأخيار، إذا شاهدْته رأيتَ جُملاً من الحِشْمة والوَقار، وأمَّا البَشاشة والهَشاشة فَبِالأحمال والأوْقَار، وكان يتفقد بِكِسْرَتِه المحتاجين وأربابَ الافتقار.

وأمَّا تعظيمُه للشَّرع وأهلِه فهِجِّيرُه (٢) الذي كان يفتخر به غايةَ الافتخار، ولم يُذكر عنه أَنَّه تعرَّض لأحدٍ من أهل العلم بنوع إزْرَاءٍ واحتقار.

ناب الشَّيخَ عزَّ الدِّين (٣) في المشيخةِ فأرضى الصِّغار والكبار، وأعتق العبيدَ والإماء ووقف النَّخيلَ والدِّيار، فرحمةُ اللهِ تُصيب وجهه المِدْوار. توفي عام ثمان وخمسين وسبعمائة.


(١) نصيحة المشاور ص ٥٨، التحفة اللطيفة ٢/ ٢٤٥.
(٢) هجيره: دأبه وشأنه. القاموس (هجر) ص ٤٩٥.
(٣) هو عزُّ الدِّين دينار البدري، المتقدم ذكره في حرف الدال.