للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧١ - [محمد بن عبد الله السبتي] (١). .. . . . . . . . . . . . . . (٢)

/٥١٤ وأنزلهم من منازل حسن الإرشاد غُرَفاً، وكان له فيهم فراسة عظيمة تصادف صِدْقا، وإذا قال بظَنِّه لأحدهم: أنت فعلتَ كذا وكيت فكان كذا، يكون ذلك حقاً، وربَّمَا يقول لأحدهم: أنت يجيء منك وزير، ويا فلان أنت يجيء منك تاجرٌ كبير، وهذا يكون فقيهاً عالماً، وهذا يكون سفيهاً ظالماً، وهذا يكون بطَّالاً باهلاً (٣)، وهذا يكون غلاَّجاً (٤) جاهلاً، إلى أن يذكر لغالبهم ما يتفرَّس فيهم، ويبِّين ما يستأنسه في أسارير نواصيهم.

فلا تخطئ عليهم في المقال، ولم يتعَّد أحدٌ ممَّا رسم له من الأحوال.

يُحكى أنَّ شفيعاً الكرموني (٥) شيخ الخُدَّام وقف عليه يوماً وقال له: قد فَقَد عُمَّار الحرمِ خشبةً مدهونة نحوَ ذراعٍ في ذراع، وما نظنُّ أن يأخذها إلا بعض هذه الأولاد، فقال له: اذهب فإنَّها تأتيك، ثمَّ قال لهم: اقرؤوا وارفعوا أصواتكم، ففعلوا، ثم قال لهم: اسكتوا فسكتوا، فقال عَجِلاً: قم يا حسين وأت بالخشبة ولا تتكلَّم، فقال: ما أخذتُها، وجعل يبكي ويتظلَّم، فقال اقرأ على حالِك، ونَحن نستخرجها من رحالك، ثمَّ قال: امض إلى أهله وقل: حسين يقول لكم: هاتوا الخشبة المدهونة التي أتيتكم بِها البارحة، فما كان قليلاً إلا وجاء بِها وهو ينظر، فضربه وأمر الصبيان فضربوه.


(١) نصيحة المشاور ١٧٨، التحفة اللطيفة ٣/ ٦١٦.
(٢) هنا نهاية السَّقَط.
(٣) باهلاً: لا يصل إليه السُّلطان، فيفعل ما يشاء. القاموس (بَهل) ص ٩٧٠.
(٤) غلاجاً: ظالماً. تَغَلَّجَ: بغى وظلم. القاموس (غلج) ص ٢٠٠.
(٥) تقدمت ترجمته في حرف الشين.