للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[حرف الحاء]

٢١ - حسن الأسواني (١) الشَّيخُ عزُّ الدِّين، كان أَحدَ الفضلاءِ الأبدال، الجوَّالين في عالم الخيال، قد غلب عليه التَّوهُّم والتَّخيُّل، حتى سُدَّ عنه باب التَّدبُّر والتَّحيُّل، كان شأنه في التَّخيُّل من أعجب العجائب، وله فيه حكاياتٌ وواقعاتٌ غرائب، إذا خرج من بيته يقف زماناً طويلاً على الباب، ويقرأ عليه ويُعَوِّذ ويُحوِّط بآي كثيرةٍ من الكتاب، ويُحكمه بأقفالٍ ومغاليقَ وثيقة، وإذا رجع لا يشكُّ أنَّه تغيَّر جميع ما في بيته حقيقة، وكان يتَّهِم جماعةً من الصالحين الكبار، بأنَّهم يسحرونه آناء الليل والنَّهار.

/ ٤٧٣ ذكر بعض أشياخ الحرم قال: قال لي يوماً: بينما قِدْرَتي على النَّار، إذ صار أسفلُها مثلَ الغِربال، ينْزل منه المَرَق نزول المطر، فعلمتُ أنَّها مسحورة، فقرأتُ عليها كذا وكذا فزال، واستوى الطعام في الحال.

وإذا أعاره أحدٌ كتاباً وجاء يطلبه يدخل بيته ويُفتِّش ثم يخرج ويقول: كتابك أُخِذ من بيتي السَّاعة، ولكنهم سيردُّونه قريباً، فهذا شأنُهم معي، فلا تكن له كئيباً، ولا بعده غريباً، ثمَّ يرجع إليه فيعطيه الكتاب، ويقول: هذا قد ردَّه إليَّ الأصحاب، ومع ذلك كان كثير الصَّلاة والصيام والعبادة، عظيم الانقطاع إلى الله قوي المجاهدة، عظيم الزِهادة، وقد بُلينا نحن بالآخرة بصاحب يجري مع الشَّيخ المذكور مجرى الأخوان، وهو معه في عالم التَّخيُّل كفَرسي رِهان، يتوهَّمُ حُلوماً فيواصل، ويتخيل حنبوصا (٢) فَيُفاصل، فَبَيْنَ


(١) نصيحة المشاور ص ١٠٠، الدرر الكامنة ٢/ ٢٩، التحفة اللطيفة ١/ ٤٨٥، وهو الحسن ابن علي بن سيد الكل، وذكره الإسنوي في طبقات الشافعية ١/ ٨٥ في ترجمة أخيه الحسين وأثنى عليه، وذكر ابن حجر أنَّ وفاته سنة ٧٢٤ هـ.
(٢) الحنبصة: الروغان في الحرب. اللسان (حنبص) ٧/ ١٨.