للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان الشَّيخ أبو عبد الله من العلماء المتبحِّرين، والفضلاء المتقنين، وكان شأنه عن العامة مغطَّى، وله علو سندٍ بكتابي (الشفاء) و (الموُطَّا)، انقطع إلى جوار المدينة مع جماعة من أخواله، متوجِّها إلى الله مُقبلاً على شانه، لا يرجعُ أحدٌ عنه مُمتلياً (١)، ولا يُرى قطُّ إلا ذاكراً أو مصلياً، ويذكر عنه كرامات سعيدة، ومقامات حميدة، دُفِن في قطعة أرضٍ اشتراها بطرف البقيع على طريق مسجد الإجابة، أعلى الله برضوانه انقلابَه، وأجزل من فضله العميم ثوابه.

١٧ - إبراهيم بن مسعود بن سعيد، الشَّيخُ برهانُ الدين القاهريُّ، المعروفُ بابن الجابيِّ المسروريّ (٢)، الإربلي المَحْتِد والنِّجَار (٣)، كان شيخاً ذا هيبة وسكينة ووقار، حسنَ السَّمْت، مليحَ الشَّيبة، كثير الصَّمت صبيح النَّقيبة (٤)، مال المستفيدون جميعهم إليه، وانتفعوا به وجوَّدوا عليه، وكان من الشُّيوخ القدماء المُقدَّمين، أقرأ القرآن الكريم بالسَّبع مدَّة سنين (٥)، واستنابه في الإمامة والخطابة القاضي شرف الدِّين (٦)، وكان قد استنابه قبلُ فيهما الشَّيخ المطريُّ جمال الدِّين (٧)، فقام بِهما أحسن القيام، وأقرَّ بحسن أدائِه كلُّ خطيبٍ وإمام، وابتلي في الآخرةِ بذهاب البصر، فاحتسب على الله وصبر، وفاز من الله بأطيب البُشَر، توفي سنة خمس وأربعين وسبعمائة.

* * *


(١) ممتلياً: مخذولاً. يقال: تلوتُه: إذا خذلته وتركته. الصحاح (تلا) ٦/ ٢٢٩٠.
(٢) نصيحة المشاور ص ١٤٨، غاية النهاية ١/ ٢٧، الدرر الكامنة ١/ ٧٣، التحفة اللطيفة ١/ ١٤٦.
(٣) المَحْتِد: الأصل، والنِّجار مثله. اللسان (حتد) ٣/ ١٣٩، (نجر) ٥/ ١٩٣.
(٤) النقيبة: النَّفس والطبيعة. القاموس (نقب) ص ١٣٩.
(٥) وكان قد جمع القراءات على علي بن ظهير، المعروف بابن الكفتي شيخ الإقراء بالجامع الأزهر، توفي سنة ٦٨٩ هـ.
(٦) شرف الدين الأميوطي، واسمه محمد بن محمد بن إبراهيم. ستأتي ترجمته في حرف الميم.
(٧) ستأتي ترجمته في حرف الميم، واسمه محمد بن أحمد.