للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من المدينة بالوجه العنيف، ومنعهما من الدُّخول إليها، وصدَّهما عن الوقوف لديها، فاتَّفق رأيهما على إعمال حيلةٍ تحتوي على خلعه، واستعمال مكيدة تنطوي على قطعه وقلعه، فكاتبا وزيره، والتزما توقيرَه وتعزيره (١)، ووعداه بكل جميل، وسألاه أنْ يزيغَ عن صاحبه ويميل، فأمرهما بالتَّوجُّه إليه والقدوم عليه، فلمَّا قدما احتال لهما في دخول الحصن العتيق باللَّيل، فقبضا على عيسى قَبض القنَّاصِ على اللَّيْل (٢)، من غير إعمالِ رجلٍ

وخيل، وأصبح حاكمَ المدينة الأميرُ منيفُ بن شيحة، ورقيَ المنبر حقاً أبانَ به توشيحه وترشيحه، ولم يزل في المدينة حاكماً في اعتزاز، والمُلكُ به في اهتزاز، ومؤازرُهُ وساعدهُ أخوه جمَّاز، إلى أن تُوفي في عامِ سبعٍ وخمسين وستمائة، فوليها من يومئذ الأميرُ عزُّ الدِّين بنُ جمَّاز بنِ شيحة، ولم ينازعه أخوه الأمير عيسى بن شيحة.

ثمَّ إنَّ ابن أخيه مالكَ بنَ منيف انتزعها منه في سنةِ ستٍ وستين وستمائة، فاستنجد عليه الأميرُ جمَّاز بصاحب مكة (٣) وغيره من العُربان، وساروا إلى المدينة في جمعٍ حفيل، وجمٍّ غفير، كأنهم رِجلان من الغِرْبان (٤)، فلمَّا عجزوا عن إخراجه، وتعرض للبور وأتراجه (٥)، قوَّضوا (٦) وتفرَّقوا، وانفضُّوا من حوله وتمزَّقوا، وبقي جمَّازُ في جماعته، وتفرَّد في رِفاقته ورِباعته (٧)، أرسل إليه


(١) تعزيره: تعظيمه. القاموس (عزر) ص ٤٣٩.
(٢) الليل الحبارى. القاموس (ليل) ص ١٠٥٥.
(٣) يعني نجم الدين أبو نمي محمد بن حسن بن علي الحسني. العقد الثمين ٣/ ٤٣٦.
(٤) رجل الغراب: ضرب من صَرِّ الإبل. لا يقدر معه الفصيل أن يرضع أمه. يريد بذلك عدم قدرتِهم. اللسان (رجل) ١١/ ٢٦٥.
(٥) أتراجه: إشكالاته. القاموس (ترج) ص ١٨٢.
(٦) أصل التقويض: نقض البناء في غير هدم. القاموس (قوض) ص ٦٥٣.
(٧) الرِّباع: جمع رَبْعٍ، وهي الدار. القاموس (ربع) ص ٧١٨.