للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وركبوا مِنْ قِبَلِه صهوةَ الملام.

وكان الأميرُ شيحةُ نازلاً في عَرَبِه قريباً منه، فلمَّا بلغه قتل قاسم، افترَّ (١) من مُحيا شأنه المباسم، فركب سُبل الفُرصة وسلكها، ولم يزل مسرعاً حتى دخل المدينة وملكها، وذلك في سنة أربعٍ وعشرين وستمائة، واستقرَّ فيها استقرارَ العان (٢)، الشَّامخ الأعيان، ولم يتمكن الجمامزة من نزعها منه ومن ذريته إلى الآن.

وأقام الأميرُ شيحةُ في ولايته مدَّةً طويلة، وبُرهة من الزَّمان حفيلة، وكان من عادته إذا غاب أن يستنيب ولده عيسى (٣) في المدينة، وكان مُجتباه وحِبَّه، وعلى المُلك أمينه، فَقُدِّر أَنَّ شيحة سافر إلى العراق، وصفا لأعاديه من بني لامٍ الوقت /٤٨١ وراق، وعارضوه في الطَّريق وختلوه (٤)، فظَفِروا به في بعض الأماكن وقتلوه، فبلغ الخبر الجمامزة، فطمعوا في المدينة، فتوجَّهت جماعةٌ منهم في سكونٍ وسكينة، وقصدوا الاستيلاء على البلد، وتفريح رُوحِ الوالد باتباعه الولد، فَفطِن لهم الأمير عيسى وقَبَضَ بهم قَبضَ الدابغ الجلد، ومغَّسهم تمغيساً (٥)، واستقرَّ عيسى في الولاية مُدَّة، على ما يليق بالحال من استكمال العِدَّة والعُدَّة، إلى أن أظهر الكراهية لأخويه جمَّاز (٦) ومنيف (٧)، وأخرجهما


(١) افترَّ: ضحك. القاموس (فرر) ص ٤٥٥.
(٢) العاني: المهتم، عناه الأمر: أهمه. القاموس (عنى) ص ١٣١٦.
(٣) عيسى بن شيحة. كان ينوب عن أبيه في إمرة المدينة، فلما قتل بنو لام أباه استقل في إمرتها، وأقام في الولاية إلى أن احتال عليه أخواه منيف وجماز فحل منيف محله. توفي في ربيع الأول سنة ٦٨٣ هـ. التحفة ٣/ ٣٨٣.
(٤) ختلوه: خدعوه. القاموس (ختل) ص ٩٩١.
(٥) مغسهم: طعنهم طعناً. القاموس (مغس) ص ٥٧٥.
(٦) جماز بن شيحة: ترجمته في حرف الجيم.
(٧) منيف بن شيحة، استقر أميراً سنة ٦٥٧ هـ وتوفي في نفس السنة. السلوك قسم ٢/ ٤٢١. التحفة ٣/ ٣٨٢.