للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بين العلم والعمل، الفائقُ في طريق التَّجريد على كلِّ مَنْ جَال ورحل.

دخل المدينة قاصداً للزِّيارة، فلمَّا وصل بابَ السَّلام وقعت عليه الهيبة، فوقف هنالك مُبتعداً، وسلَّم خاشعاً مُرْتَعِداً (١)، ورجع إلى منْزِله، فقيل له في ذلك؟ فقال: لم أجدني أهلاً للوصول إلا إلى هنالك؟ /٤٩٧ وأمَّا الدخول فَمَنْ أنا حتى أصل لذلك؟ ثم آثر الجِوار، والإقامة بِهذه الدِّيار، على قدمِ الافتقار والاصطبار.

وكان رَطْبَ اللِّسانِ بالذِّكر والتِّلاوة، بلهجةٍ فائقة الطَّلاوة (٢)، رائقة الحلاوة.

قد لاحَ عليه نورُ الصَّلاح، وفاحَ لديه نورُ الفَلاح، هذا مع السَّذاجة وسلامة الباطن، والاجتناب عن التوطن فيما لا يغني عن المواطن.

إذا خوطب بأمرٍ من الأمور الدنيوية، أجاب بكلامٍ حلوٍ من الأحوال الأخروية، فينقطع معه الكلام، وينقدعُ (٣) المتكلم من غير ملام.

ومن إفادته التي يرجى بِها عميمُ بركاته: أنَّه كان إذا اشتكى أحدٌ إليه من مرضٍ أو عَرَضٍ، قال له: قل: يا أوَّل الأوَّلين، ويا آخِر الآخِرين (٤)، وياذا


(١) الخشوع من أجل العبادات القلبية، ولايصح صرفه لغير الله وصرفه للنبي صلى الله عليه وسلم حياً أو ميتاً من الغلو المذموم، وإنما حق النبي صلى الله عليه وسلم التعزير والتوقير وتقديم محبته على الأهل والنفس وحسن المتابعة لشرعه، واعتقاد ما شرّفه الله به من المقامات العظيمة التي اصطفاه الله بها وشرفه على سائر خلقه.
(٢) الطَّلاوة: الحُسن والبهجة. القاموس (طَلَوَ) ص ١٣٠٧.
(٣) ينقدع: ينكفُّ. القاموس (قَدَعَ) ص ٧٤٩.
(٤) لم يرد من أسماء الله الحسنى أول الأولين وآخر الآخرين وإنما ورد الأول والآخر من غير إضافة كما في قوله تعالى: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن} سورة الحديد آية ٣، ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء … » أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً، في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب مايقول عند النوم وأخذ المضجع، رقم:٢٧١٣، ٤/ ٢٠٨٤. وقد قرر أهل العلم أن باب الأسماء والصفات باب توقيفي لايتجاوز فيه النص فينبغي ملاحظة هذا ومراعاته ففيه الخير والسلامة إن شاء الله.