للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صلواتُ الله على ساكنها في موكبه، فكأنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سَّيرَ الفقير إلى نُصرته، مَنْ يثْرِي (١) به مِنْ يَثْرِبِه. وهذا الأميرُ عزُّ الدِّين أبو فُليتة، وقد وفد في تلك السَّنة أوانَ عودِ الحاجِّ، وهو ذو شيبةٍ تَقِدُ (٢) كالسِّراج، وما بَرِحَ مع السُّلطان مأثورَ المآثر، مذكورَ المفاخر، ميمونَ الصُّحبة، مأمونَ المحبَّة، مباركَ الطَّلْعة، مُشارِكاً في الوقعة، فما تمَّ فتحٌ في تلك السِّنين إلا بحضوره، ولا أشرق مطلعٌ من النَّصر إلا بنوره (٣).

فرأيتُه ذلك اليوم للسُّلطان مُسايراً، ورأيتُ السُّلطانَ له مُشاوراً مُحاوراً، وأنا أسير معهما، وقد دنوتُ منهما، ليسمعاني وأسمعهما.

وقال أبو شامة (٤): كان السُّلطان صلاح الدِّين مُحبَّاً في الأمير قاسم بن مُهنَّا، يستصحبه في غزواته، ويستنصر (٥) ببركاته في فتوحاته، حضر معه أكثر


(١) يثري: يُكثر. القاموس (ثري) ص ١٢٦٧.
(٢) تقد: تضيء، وهو مضارع وَقَد. القاموس (وقد) ص ٣٢٧.
(٣) هذا من الغلو في الأشخاص، فالنصر بيد الله وله فيه المنة والفضل، قال تعالى: {وماالنصر إلا من عند الله العزيز الحكيم} سورة (آل عمران) آية: ١٢٦ وقال تعالى: {والذين تدعون من دونه لايستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون} سورة (الأعراف) آية:١٩٧.
(٤) في الروضتين ٢/ ١٣٤، وقد حضر مع السلطان صلاح الدين فتوحات سنة ٥٨٤ هـ، وكانت فتوحاتٍ كثيرة، وكان قدومه دمشق بعد حضور المعارك في شهر رمضان، كما ذكر ابن الأثير في الكامل ١٢/ ٢٠، وأبو شامة هو عبد الرحمن بن إسماعيل، العلامة ذو الفنون، أخذ القراءات على علم الدين السخاوي وقرأ على العز بن عبد السلام، من مؤلفاته: كتاب الروضتين و شرح الشاطبية، توفي سنة ٦٦٥ هـ. فوات الوفيات ٢/ ٢٦٩، غاية النهاية ١/ ٣٦٥، شذرات الذهب ٤/ ٢٥٠.
(٥) الاستنصار يكون بالوسائل التي جعلها الله سبباً للنصر ومن ذلك نصرة الله في دينه كما قال تعالى: {إن تنصروا الله ينصركم} سورة (محمد) آية: ٧. وكذلك التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر وفي عامة غزواته وأما التوسل ببركة فلان وغيره فمخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة ومن بعدهم.