للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المِصريُّ، الشَّافعيُّ (١)، أصله من عسقلان، ويُعرف بابن سَبْع.

مولدُه عامَ ثَمانين وستمائةٍ بالقاهرة، وتفقَّه على القاضي نجم الدِّين ابن

الرِّفعة (٢)، وكان له بذلك على أقرانه رِفعة، وكان قد قرأ القراءات على الشَّطَنوفيِّ (٣)، ولكن كان لحقوق المعرفةِ بِها غيرَ مُوفي.

ولي الحكم والخطابةَ بالمدينة في عام خمسين وسبعمائة، فباشرها بسياسة تامَّة، ورئاسةٍ عامة، جعل المحاسَنةَ له أحسنَ منهاج، ولا تجدُ له بالمخاشنة مِنْ هَاجٍ، مع الحلم الكافي، والخُلُق الضافي، والكرمِ الوافي، والوِرْد الصَّافي، والخُطَبِ الفصائح، ومحاسن المواعظ والنَّصائح، والصَّوت الجَهْوَري، واللَّفظ الجوهري.

إذا صلَّى فكَّ تلبيب (٤) المأسور، وإذا خطب أسمعَ مَنْ في السُّوق بل مَنْ على السُّور، غير أنَّه كان قاصراً عن مَنْ كان قبله في درجات العلوم، مُقصراً فيما يتعَيَّنُ على المتولِّي إقامته من شرائط ورسوم، فاشتغل النَّاس به وبالطَّعن عليه، وهمزوه بأنَّ شروط الواقف لم تَجتمَعْ لديه، وإنَّ من جملتها العلم بالقراءات ومعرفة الأصلين، وإنَّه لم يقرأ منهما في مناظِر النُّظَّار فصلين، ولا في مناضل النِّضال (٥) نَضْلين.

وكان يُعاب بأنَّ فيه شيئاً من طباع العوام، منها أنَّه يُقبِّلُ الأرض إذا تَمثَّل


(١) نصيحة المشاور ص ٢٢٤، الدرر الكامنة ٤/ ٣٠، التحفة اللطيفة ٣/ ٦٥٤.
(٢) أبو العباس أحمد بن محمد، شافعيُّ زمانه، تفقَّه على السَّديد والظهير التزمنتيينِ، وعنه التقي السبكي، توفي سنة ٧١٠ هـ. طبقات الشافعية الكبرى ٩/ ٢٤، الدرر الكامنة ١/ ٢٨٤.
(٣) أبو الحسن بن علي بن يوسف، شيخ الديار المصرية، قرأ القراءات على صالح بن إبراهيم الأسعردي، توفي سنة ٧١٣ هـ. غاية النهاية ١/ ٥٨٥.
(٤) التلبيب: موضع اللَّبب، واللْبَب: موضع القِلادة من الصَّدر. القاموس (لبب) ص ١٣٣.
(٥) يقال: ناضله نِضالاً: باراه في الرَّمي. القاموس (نضل) ص ١٠٦٣.