للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نابَ الشَّيخَ افتخارَ الدِّين (١) في الوظيفة، فسلكَ في نيابته طريقةً ظريفة، وأبرز على منصبه كلَّ سيرةٍ حميدة وسَجيَّةٍ شريفة، وظهر في الأقران بغريزةٍ عزيزة، ونفسٍ عفيفة. فلما جاء أجمعت المساحل (٢) على نشر محامدِ صفاته، وسمعت المسامعُ ما اشتهر من مآثره ونَصفَاته (٣)، برز تقليدٌ سلطانيٌّ باستمراره في نِيابة ياقوت واستقلاله بعد وفاته.

فلمَّا ورد الأجلُ الموقوت، وضعضعَ أركانَ ياقوت (٤)، باكر المشيخة بحكم التَّقليد المذكور، وهو في ذلك على سَننٍ حميدٍ ووضعٍ مشكور.

فلم يمضِ على ذلك من الأيَّام إلا يسير، إذ قد ورد تقليدٌ شريفٌ باستقرار الوظيفة لزَين الدِّين مُقْبِلٍ الكبير (٥)، وهو أخوه في الله وخليلُه، وكلُّ منهما هادٍ للآخر إلى مناهج الخير ودليلُه.

فاستقلَّ الشِّبليُّ في نيابةِ مُقبلٍ المذكور، وكلٌّ منهما مُقبلٌ على صاحبه وبه جَذْلاُن مسرور، وهذا الشبليُّ خادمٌ وسيم، بوجهٍ قسيم (٦)، ومُحَيَّاً قد هبَّ عليه من جنَّة النَّعيم نسيم، ووسمته يد التَّقدير بِمِيْسَم الجمال أحسنَ توسيم.

حاذقٌ باغتلاب نحائس المناحس بعُلُوبه (٧)، مطيقٌ لاستلاب نفائسِ /٥٢١ أنفاسِ المُنافسِ بأسلوبه، محايله (٨) من أيْنِ شمائله، محاسن


(١) هو ياقوت بن عبد الله، وستأتي ترجمته في حرف الياء.
(٢) المساحل: جمع مِسْحَل، وهو اللِّسان، القاموس (سحل) ص ١٠١٣.
(٣) النَّصَفَات: جمع نَصَفَة، وهي العدل. اللسان (نصف) ٩/ ٣٣١.
(٤) وذلك في سنة ٧٨١ هـ، كما في ترجمة ياقوت.
(٥) ستأتي ترجمته بعد قليل.
(٦) قسيم: جميل. القاموس (قسم) ص ١١٤٩.
(٧) علوبه: شدَّته، جمع عَلْب. القاموس (علب) ص ١١٧.
(٨) المحايل جمع مَحَالة، وهي القوة. اللسان (حيل) ١١/ ١٩٦.