للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُداخلاتِهم، وعدمِ الطَّمع في أموالهم وغَلاَّتِهم، والإعراض عن أدناس دُنياهم، وتركِ الاعتراض عليهم في مُصابِهم وبلاياهم.

أَشرتُ مرَّةً على نائب السُّلطان بتوليته قضاء بيت المقدس فولاَّه، فباشر المنصب وزيَّنه بالعدل والعِفَّة والإحسان، وخّلاَّه، وولي قضاء المدينة الشَّريفة قبل ذلك بعد انفصال القاضي تاج الدِّين الكَرَكيِّ (١) بأيام، فقدِم المدينة وقام بالوظيفة أحسن قيام، وشهد له جماعةٌ من العلماء الأعلام، مِمَّن كان يخالط القُضاة والحكَّام، أنَّه لم يلِ أحدٌ هذه المناصبَ ألينَ منه عريكةً، ولا أحسن سيرةً، ولا أكثر تواضعاً، ولا أصحَّ منه سَريرةً، ولا أصفى قلباً للمجاورين، ولا أوفى إيفاءً حقوقَ الفقراء الزَّائرين.

غير أنَّه وجد عند الخُدَّام بقايا كرورٍ (٢) .... (٣) تركّمت من أيَّام الكَركيِّ، وحاول إزالتها بالشِّدة والسَّطوة، وقصد إحالتها بالحِدَّة والقوَّة، فما زادهم إلا عِناداً، ولم يملك لهم قِياداً.

وقصد إزالة الحفرة التي في المحراب، إمَّا بسدِّها بحصىً، أو تطبيقها بأخشاب، فعارضته الخُدَّام، فلم يكترث بِهم وصنع لها لوحاً يقف عليه الإمام، فوافق ذلك الحال /٥٢٢ قدومَ ابن جماعةَ (٤)، فاجتمع به في ذلك اجتماعه، وخاشنه في الكلام،

وشافهه بما هو أوجع من الكِلَام (٥).

فكتب فيه إلى وليِّ الأمر، وشبَّ عنده منه ما هو أَحرُّ من الجمر، فكان


(١) ترجمته بعد هذا مباشرة.
(٢) الكرور: جمع كُرّ وهو الحبل. القاموس (كر) ص ٤٦٩.
(٣) مكان النقط في الأصل (لمن عباد) ولم يظهر معناها.
(٤) هو قاضي القضاة عزُّ الدِّين، عبد العزيز بن محمد ولي قضاء الديار المصرية، له المناسك
الكبرى، توفي بمكة سنة ٧٦٧ هـ. المعجم المختص ١/ ٤٠١، الدرر الكامنة ٣/ ٢٨٠.
(٥) الكِلَام جمع كَلْمٍ، وهو الجرح. القاموس (كلم) ص ١١٥٥.