للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يحتاجه، وسار حتى وصل مكة، وقضى تَفَثَه (١)، ورحل عنها إلى المدينة، فلما وقف على القبر المُقدَّس قال: السلام عليك يا رسول الله، ثم قرأ عشراً جَمَعَ للأئمة السبعة، وقال: هذه قراءتي على فلان، عن فلان، عنك، عن جبريل، عليكما السلام، عن الله عزّ وجلَّ، وقد سألت شيخي الإجازة، فأبى، وقد استغثتُ بك يا رسول الله في

تحصيلها (٢)، ثم نام، فرأى النبي صلّى الله عليه وسلّم في المنام، فقال له: سَلِّمْ على شيخك، وقل له: الرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول لك: أجزني بلا شيء، فإن لم يُصَدِّقُكَ، فقلْ له: بأمارة زُمَراً زُمَراً./٣٦ فلمَّا وصل الفقير إلى مصر اجتمع [بشيخه] (٣) وبلَّغه الرسالة عَرِيّةً عن الأمارة، فلم يصدِّقه، فقال له: بأمارة زُمَراً زُمَراً، فصاح الشيخ، وخرَّ مَغْشِيّاً عليه، فلمَّا أفاق، قال أصحابه: يا سيدَنا، ما الخبرُ؟ قال: كنت كثيراً ما أتلو القرآن، فمررتُ يوماً على قوله عزّ وجلَّ: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الكِتَابَ إلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إلاَّ يَظُنُّونَ} (٤). فحلفت أن لا أقرأ إلا متدبراً فَهِماً، فأقمت لا أتجاوز من القرآن إلا يسيراً مدة طويلة، حتى نسيته، فكفَّرْتُ عن يميني، وشرعت في حفظه فحفظته، فبينا أنا أتلو ذات يوم، إذ مررت على قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الذَّينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} (٥). الآية، فقلت: ليت شعري، ليت شعري، من أي الأقسام أنا؟ لست من الثاني، ولا من


(١) التَّفَثُ: هو مايفعله المحرم بالحج إذا حلَّ، كقص الشارب والأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة. وقيل: هو إذهاب الشَّعَث والدَّرَن والوسخ مطلقاً. النهاية (تفث) ١/ ١٩١.
(٢) هذا من الشرك بالله عز وجل ومما لايطلب إلا من الله وحده.
(٣) أضفنا ما بين المعقوفين ليستقيم المعنى.
(٤). سورة البقرة آية رقم: ٧٨.
(٥) سورة فاطر آية رقم:٣٢.