للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فسر بِخيلك تظفر إن قتلتهمُ … تُشفي الصدور من الأضرار والسقمِ

لا تَزهدنَّ فإن القومَ عندهُمُ … مثل النعاج تراعي زاهر السَّلَمِ

ومُقْرَبَاتٍ (١) خناذيذ (٢) مسوَّمة … تُعْشِي العيون وأصناف من النَّعَمِ

قال: فسار تبع من المدينة في جيوشه حتى قرب من جوّ اليمامة، فلما كان على مقدار ليلة منها عند جبلٍ هنالك، قال رياح الطَسْمِي: توقف أيها الملك، فإن لي أختا متزوجة في جَدِيس يقال لها: يَمامة، وهي أبصر خلق الله على بعد، فإنها لترى الشخص من مسيرة يوم وليلة، وإني أخاف أن ترانا وتُنذِرَ بنا القوم، فأقام تبع في ذلك الجبل، وأمر رجلاً أن يَصعدَ الجبلَ فينظر ماذا يرى، فلما صعد الجبلَ دخل في رجله شوكة، فأكب على رجله يستخرجها، فأبصرته اليمامة، وكانت زرقاء العين، فقالت: يا قوم إني أرى على الجبلَ الفلاني رجلاً، وما أظنه إلا عيناً فاحذروه، فقالوا لها: ما يصنع؟ فقالت: إما يخصف نعلاً، أو ينهش كتفاً، فكذبوها ثم إن رياحاً قال للملك: مُرْ أصحابك ليقطعوا من الشجرِ أغصاناً ليستتروا بِهَا لِيُشَبِّهُوا على اليمامة، وليسيروا كذلك ليلاً، فقال تبع: أوَ في الليل؟ قال: نعم أيها الملك، بصرُها بالليل أنفذ، فأمر تبع أصحابه بذلك، فقطعوا الشجر وأخذ كل رجل بيده غصناً حتى إذا دنوا من اليمامة ليلاً نظرت اليمامة فقالت: يا لجَدِيس، سارت إليكم الشجر أو جاءتكم أوائل خيل حِمْيَر، فكذبوها، فصبحهم حمير فاصطلموهم (٣)، فهرب الأسود بن غفار في نفر من قومه ومعه أخته، فلحق بِجبلي طي، فَنَزَلَ هناك، وفيه يقول الأعشى (٤):


(١) المُقْرَبَة: الفرسُ التي تُدنى وتُقْرَبُ وتُكرم ولا تترك. القاموس (قرب) ص ١٢٣.
(٢) الخِنذيذ، بالكسر: الفحل والخصيُّ. ضدٌّ. القاموس (خنذيذ) ص ٣٣٣.
(٣) اصْطَلَمهُ: اسْتَأصَلَهُ. القاموس (صلم) ص ١١٣٠.
(٤) ديوان الأعشى ص ١٣.