للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشَّامِ خَمسينَ ذِرَاعَاً وَلم يَزد فيهِ من المشرقِ شَيئاً، وَبَنَى المقصُورَةَ بلَبِنٍ مَطبُوخٍ، وَجَعَلَ فيهِ طياقَاً يَنظرُ النَّاسُ منها إلى الإمامِ، وكان يُصلي فيها خَوفَاً من الذي أصَابَ عُمَر رَضيَ الله عَنهُ، وكانت صَغيرَةً، وَجَعَلَ في عُمُدِ الْمَسْجدِ أعمدةَ الحديدِ فيها الرَّصَاصُ، وبَاشَرَ رَضيَ الله عَنهُ العَملَ بنفسهِ، وَكانَ يَصومُ النَّهارَ ويَقومُ الليلَ، وكانَ لا يَخرجُ من الْمَسْجدِ (١).

[وَبَقيَ] (٢) كذلك إلى أيامِ الوَليدِ فبَعَثَ بمَالٍ جَزيلٍ إلى عُمَرَ بن عَبد العَزيز رَضَيَ الله عَنهُ وَكان عَامِلَهُ على مَكَّةَ وَالمدِينَة آنذاك وَقالَ لهُ: زِدْ في الْمَسْجدِ، ومَنْ بَاعَكَ فأعطهِ ثَمَنهُ، ومَنْ أبى فاهدِمْ عَليهِ وأعطهِ المالَ، فإن أَبى أن يَأخُذَهُ فأعطهِ إلى الفقرَاءِ (٣).

وأرسَلَ الوليدُ إلى مَلكِ الرومِ يَقولُ لهُ: إنَّا نُريدُ أن نعمرَ مَسْجدَ نَبِيِّنَا الأعظم، فَأعِنَّا بعُمَّالٍ وفُسَيْفُسَاء، فَبَعَثَ إليه بضعةً وعشرينَ عَامِلاً، وقيل: بعَشَرَةٍ من العُمَّالِ، فَكَتَبَ: أنْ قَد بَعثتُ إليكَ بعَشَرَةٍ من العُمَّالِ يَعدِلونَ مائةً، وقيل: بَعَثَ بثَمانينَ عَامِلاً؛ أربَعينَ مِنَ الرُّومِ، وأربَعينَ من القِبط، وبثمَانينَ ألفَ مِثقَال، / ١٦٤ وبأحمَال من الفُسَيْفُسَاء، وبأحمَال من سَلاسَلِ القَناديلِ، فاشترَى عُمَرُ بن عَبدِ العَزيزِ رَضيَ الله عَنهُ الدُّورَ وأدخَلهَا مَعَ حُجُرَاتِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَليهِ وَسَلَّمَ في الْمَسْجدِ وأدخَل القبرَ الشَّريفَ فيهِ فبَينَمَا أولئكَ العُمَّال من الرومِ يَعمَلونَ يَومَاً خَلا لهمُ المَسْجِد فقالَ وَاحدٌ لأصحابه: لأبُولَنَّ على قبرِ نَبيهم فَنَهَوهُ فَأبَى وَتَهيأ لذلك فألقيَ على رَأسهِ، فانتَثَرَ دِمَاغُهُ، فَأَسلَمَ بعضُ أولئكَ العُمَّال.


(١) انظر: تحقيق النصرة ٤٧ - ٤٨، الدرة الثمينة ١٥٥ - ١٥٦، وفاء الوفا ٢/ ٥٠٠ - ٥١٢.
(٢) طمس في الأصل.
(٣) تحقيق النصرة ٤٩، وفاء الوفا ٢/ ٥١٣. وكلاهما نقلاً عن رزين.