أربعة أذرع، وأدار عليه شباكاً من خشب من فوق الحائط إلى السقف يراه المتأمل من تحت الكسوة التي على الحجرة المقدسة، وجعل للحجرة الشريفة خمسة أركان مُخمَّسَة.
قلت: وشكلها شكل عجيب لا يكاد يتأتى تصويره ولا تمثيله، يقال إن عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه اخترع ذلك في تدبير بنائها مخافة أن يتخذها الناس مصلى، فإن الصفحات الأربع محرفة عن القبلة / ١٦٥ تحريفاً بديعاً لا يتأتى معه لأحد استقبالها في صلاته لأنه ينحرف عن القبلة.
وسعة الصفحة القِبلية منها أربعة وأربعون شبراً، وسعة الصفحة الشرقية ثلاثون شبراً، وما بين الركن الشرقي إلى الركن الجوفي صفحة سعتها خمسة وثلاثون شبراً، ومن الركن الجوفي إلى الركن الغربي صفحة سعتها تسعة وثلاثون شبراً، ومن الركن الغربي إلى القِبلي أربعة وعشرون شبراً، وفي هذه الصفحة صندوق آبنوس، مختم بالصندل (١)، مصفح بالفضة مكوكب بها، هو قبالة رأس النبي صَلَّى الله عَليهِ وَسَلَّمَ وفيه أسطوان، وخلفه محراب، وفوق الصندوق قائم من خشب مجدد.
وأما الصندوق فطوله خمسة أشبار وعرضه ثلاثة أشبار وارتفاعه في الهواء أربعة أشبار. فجميع الحجرة الشريفة سعتها من جميع جهاتها مائة شبر واثنان وسبعون شبراً، وهي مؤزرة بالرخام البديع النحت الرائق النعت، ومنتهى الإزار منها إلى نحو الثلث أو أقل شبراً، وهي مقدار قامة وبسطة، وهو مما فاز بفعله جمال الدين الجواد الأصفهاني ذو المراتب المأثورة، وقد كان سبقه إليه المتوكل بالله فإنه أول من أزر الحجرة الشريفة بالرخام فلما عَتُق ذلك جدده
(١) كتب في الأصل: (بالصندوق)، ثم صححت: (بالصندل)، وكذا في وفاء الوفا ٢/ ٥٧٥ نقلاً عن المغانم.