للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَمُرُّ على الوادي فَتُثْنِي رمالُه … عليه وبالنادي فَتُثْنِي (١) أرامله

فلم يُرَ أكثر باكياً من ذلك اليوم، ثم وصلوا به إلى مكة، فطافوا به حول الكعبة، وصَلُّوا عليه بالحرم، وحملوه إلى المدينة، فصلوا عليه، ودفنوه بالرباط الذي أنشأه بها، بينه وبين قبر النبي صلى الله عليه وسلم خمسة عشر ذراعاً. هكذا قال ابن الأثير، ولعله أراد بين جدار حائطه وبين حائط الحرم الشريف، لا نفس القبر.

ومن أعماله الحسنة تجديدُ بناء مسجد الخِيف، وبناءُ الحجر الشريف، وترخيمُ جدار الحُجْرَةِ الشريفة النبوية، وبناءُ مسجد عرفات الذي على الجبل، وعملُ الدرج التي يُصعد فيها إليه، وكان الناس يلقون شدةً في صعودهم.

ومن أعظم هذه الحسنات إجراء الماء من بطن نَعْمَان (٢) إلى عرفات تحت الجبل، مبنية بالكلس، فوجد الناس بذلك يوم الوقوف راحة عظيمة، فرحم الله روحه، ووَالى إليه من فضله فتوحه.

وفيه يقول أبو الفوارس، سعد بن محمد المعروف بِحَيْصَ بَيْص (٣):

يا للصَّوارمِ والرماحِ الذُّبَّلِ … نَصْراً ومن أنجدتما لم يُخذلِ

لوشئتُما و مشيئةٌ بِمشيئةٍ … جادَ الزمانُ وبالعُلا لم يبخلِ

فاقني فخارك يا مُجاشع واعلمي … أني لكم من هِمَّتِي في جَحفلِ

أنا فارسُ اليومينِ يومِ مقالةٍ … ووغىً أصولُ بصارمي والمقولِ


(١) في الروضتين ١/ ٤٢٨: وفي النادي فتبكي.
(٢) نَعْمَان: وادٍ بين مكة والطائف، وقيل: وادٍ لهذيل على بعد ليلتين من عرفات. معجم البلدان ٥/ ٢٩٣.
(٣) هوسعد بن محمد بن سعد، الصيفي التميمي، الملقب شهاب الدين، تفقه في صِغَرِهِ، ثم غلب عليه الأدب والشعر، سُمِّيَ بحيص بيص لأنه رأى الناس يوماً في حركة مزعجة وأمر شديد، فقال: ما للناس في حيص بيص، فبقي عليه هذا اللقب، توفي ببغداد سنة ٥٧٤ هـ. وفيات الأعيان ٢/ ٣٦٢، البداية والنهاية ٦/ ٣٢١.