معه، وعمل الدرابزين، وأرسله في سنة ثمان وستين، وأداره عليها، وعمل له ثلاثة أبواب، قِبلياً، وشرقياً، وغربياً، ونصبه ما بين الأساطين التي تلي الحجرة الشريفة، إلا من ناحية الشمال، فإنه زاد فيه إلى متهجد النبي صلى الله عليه وسلم، وظن أن ذلك زيادة حرمة للحجرة المقدسة، فحجز طائفة من الروضة الكريمة مما يلي بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ومنع الصلاة فيها، مع ما ثبت من فضلها، فلو عكس ما حجزه، وجعله من الناحية الشرقية، وألصق الدرابزين بالحجرة مما يلي الروضة لكان أخف، إذ الناحية الشرقية ليست من الروضة، ولا من المسجد المشار إليه، بل مما زيد في أيام الوليد.
قال: ولم يبلغني أن أحداً من أهل العلم والصلاح ممن حضر ولا ممن رآه بعد حجزه أنكر ذلك، أو فَطِنَ له وألقى له بالاً، وهذا من أهم ما ينظر فيه، والله أعلم. انتهى.
والذي ذكره موجَّهٌ، غير أن أحد الأبواب مفتوح دائما لمن قصد الدخول والزيارة فيه، ولمن أراد الصلاة والدخول والوقوف مع الصف الأول في الروضة، ولا يخفى أن في تقريب الدرابزين من الحجرة إخراجاً للبناء عن وضعه اللائق.
وأيضاً فيه تضييقٌ عظيمٌ على الزائرين، لا سيَّما عند زحام المواسم، فإنه مع هذا الاتساع ينخنق المكان بالخلق، فكيف لو ضيَّق بحيث يتصل الدرابزين بجدار الحجرة.
لا يقال: إنه كان في جهة الشرق متسعاً للزائرين، لأن الناس إنما يقصدون هذه الجهة (١) لكون الرأس الشريف هناك، وليكون الابتداء بالتسليم