للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإمام لوضع الشمع عليه كان فيها خشبة ظاهرة مثبتة بالرصاص، وكان يعتقد الناس عامة أن هذا الجذع هوالجذع الذي حنَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يُزدحم على زيارتها والتمسح بها ازدحاماً فاحشاً، فظن بعض الفقهاء أن هذا من المنكر الذي يتعين إزالته، وصرح بهذا في كتبه، إلى أن وافق على ذلك شيخنا أبو عمر عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن جماعة، فأمر بإخفائها أحسن الله عاقبته - وذلك عند مجاورته.

وفي عام خمس وخمسين وسبعمائة رأى جماعة أن إزالتها كان وهماً منهم، وذلك أن إتقان هذه الخشبة وترصيصها بين حجارة الأسطوانة وإبرازها لم يكن سدى، وإنما شاهد الحال يشهد بأنه كان من عمل عمر بن عبد العزيز، رحمة الله عليه، فالظاهر أنه كان من الجذع، والله أعلم.

وكان موضع الخشبة من الأسطوانة على مقدار ذراعين من الأرض ارتفاعاً، وقد طلي بالقصة، ولا عين منه ولا أثر.

ومن ذلك أنه لما كان عام ثمان وسبعين وستمائة أمر السلطان الملك المنصور قلاون الصالحي، والد السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون ببناء قبة (١) على الحجرة الشريفة، ولم يكن قبل هذا التاريخ عليها قبة، ولا بناءٌ مرتفع، وإنما كان حظير كبير على الحجرة الشريفة فوق سطح المسجد، وكان مبنياً بالآجر مقدار نصف قامة بحيث يُمَيَّزُ سطح الحجرة الشريفة عن سطح المسجد، فعملت هذه القبة الموجودة اليوم وهي أخشاب، أقيمت وسُمِّرت عليها ألواح من خشب، وسُمِّر على ألواح الخشب ألواح من الرصاص، وعمل مكان الحظير من الآجُرِّ /١٨٦ شُبَّاك خشب، وتحته أيضاً بين السقفين شباك خشب يحاكيه، وعلى سقف الحجرة الشريفة بين السقفين ألواح قد سُمِّر بعضها


(١) التعريف ص ٣٧، تحقيق النصرة ص ٨١.