للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رُومِيَة (١) جزيرتين يخرج منهما النار دائماً، قال: وأبصرنا الدخان صاعداً منهما، وتظهر بالليل نارٌ حمراء ذات ألسُنٍ تصعد في الجو، قال: وأُعلمنا أن خروجها من مَنَافِسَ في جبلين يصعد منهما نَفَسٌ ناريٌّ شديدٌ تكون عنه النار، وربما قُذِفَ فيها الحجر اللين فتلقي به مسوداً إلى الهواء بقوة ذلك النَّفَس، وتمنعه من الاستقرار ومن الانتهاء إلى القعر. قال: وهذا من أعجب المسموعات الصحيحة.

قال: وأما الجبل الشامخ الذي بالجزيرة، المعروف بجبل النار (٢)، فشأنه أيضاً عجيب، وذلك أن ناراً تخرج منه في بعض السنين كالسيل العَرِم، فلا تمر بشيء إلا أحرقته حتى تنتهي إلى البحر، فتركت ثبجه (٣) طائرة على صفحه حتى تغوص فيه، فسبحان المبدع في عجائب مخلوقاته لا إله سواه (٤).

ومن ذلك ما نقله جماعة من مشايخ المدينة وعلمائها، أن السلطان الملك السعيد نور الدين الشهيد محمود بن زنكي بن آق سنقر لما كان في عام سبع وخمسين وخمسمائة رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات في المنام في ليلة واحدة (٥)،


(١) بحر رومية: هو البحر الأبيض المتوسط، وقد رأى المؤلف هذه الجزر عند مغادرته صقلية.
(٢) الجبل الشامخ: بركان إتنا.
(٣) الثبج: معظم الشيء، وثبج البحر: معظمه. القاموس (ثبج) ص ١٨٢.
(٤) رحلة ابن جبير، ص ١ - ٣.
(٥) ذكر المطري المتوفى سنة ٧٤١ هـ هذه الحادثة نقلاً عن كبار مشايخ المدينة، ويمكننا التشكيك بصحة هذه القصة نظراً لضعف السند الذي اعتمد عليه، سيَّما أن بين تاريخ حدوثها، وتاريخ أول ذكرها ما يزيد عن القرن والنصف.

من جهة أُخرى فإن المؤرخين المعاصرين لنور الدين زنكي؛ كابن كثير (المتوفى سنة ٦٣٠ هـ) أو الذين ألَّفوا كتب خاصة عنه من المتقدمين؛ كأبي شامة، صاحب الروضتين (المتوفى سنة ٦٦٥ هـ)، لم يتطرقوا للقصة، بل لم يذكروا قصة رحلته إلى الحجاز في تلك السنة.
والقصة مذكورة في التعريف ص ٧٣، الكواكب الدرية في السيرة النورية ص ٧٢. وتحقيق النصرة ص ١٤٦.