للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فلما تُوفِّي نقله إلى البقيع، ودخل على بناته فقال: اعلمْنَ أنِّي لا أحبسكنَّ عن كُفءٍ، ودعا كعباً فقال: انظر ما كان أبي يصنع بجلسائه فاصنع بهم مثله.

ثمَّ رحل إلى معاوية رضي الله عنه، فدخل عليه، وهو أشعثُ أغبر، ليس على حالِ ما كان يكون عليه. فقال: ما بالك يا أبا أمية على هذه الحال؟ قال: هلك أبو عثمان سعيدٌ يرحمه الله؟ فترحَّم عليه معاوية رضي الله عنه وقال: ما حاجُتك؟ قال: إنه أوصى بوصايا أنفذتُها، وبقيتْ واحدة. قال: وما هي؟. قال: دَينه. قال: وكم هو؟ قال: ثلاثة آلاف ألفٍ. قال: هو عليَّ. قال: إنه أمرني أن يكون من صلب ماله. قال: فبعني. قال: أبيعك العرصة. قال: قد أخذتُ العرصة بألف ألف، والنَّخل بألف ألف، والمزارع بألف ألف. ثم قال: يا أهل الشَّام، اكتبوا عليه لا يندم؟.

وروى الزُّبير عن جماعةٍ أنَّهم قالوا: العقيقُ من العرصة آخذ إلى البقيع.

وفي الحديث أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج في بعض مغازيه، فأخذ على الشَّارعة، حتى إذا كان بالعرصة قال (١): «هي المنزلُ لولا كَثرةُ الهوامِّ».

وكان سعيد بن العاص رضي الله عنه ابتنى قصراً في سُرَّة العَرْصة، واحتفر بِها بئراً، واغترس النخل والبساتين، وكان نخلُها أبكرَ شيءٍ بالمدينة، وكانت تُسمَّى عرصةَ الماء.

وابتنى مروان بعرصة البقل، واحتفر وغرس، وضرب لها عيناً وازدرع، واقتطع الناس في سلطان بني هاشم في العرصة وابتنوا. وفيها يقول ذؤيب السهميُّ (٢):


(١) ذكره ياقوت ٤/ ١٠٢، عن الحسن بن خالد العدواني، وسيأتي قريباً. وأخرجه ابن زبالة في تاريخ المدينة، كما ذكر المراغي في تحقيق النصرة ص ١٨٢.
(٢) الأبيات في معجم البلدان ٤/ ١٠١، وفاء الوفا ٤/ ١٠٥٨. بيتٌ زَبْن وزبين: مُتنحٍّ عن البيوت. القاموس (زبن) ص ١٢٠٢. وذؤيب هو ابن عمرو السهمي من أهل المدينة، يروي عن محرز بن هارون المدني. تصحيفات المحدثين ٣/ ١٠٢٤، وتصحف (السهمي) إلى (الأسلمي). وفي الأصل: (بوادي)، وهو غير موزون.