للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن هشام (١): كان أبو نيزر من أبناء بعض الملوك الأعاجم، ثمَّ صحَّ عندي بعد أنه من ولد النجاشيِّ، فرغب في الإسلام صغيراً، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصار مع فاطمة وولدها، رضي الله عنهم.

قال أبو نيزر: جاءني عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه /٣٨١ وأنا أقوم بالضيعتين، عين أبي نيزر، والبُغيبغة. فقال: هل عندك من طعام؟ فقلتُ: طعامٌ لا أرضاه لأمير المؤمنين، قرْعٌ من قرع الضيعة ضاءلته (٢) بإهالةٍ سنخة (٣). فقال: عليَّ به؟ فقام إلى الرَّبيع (٤) فغسل يديه [ثم أصاب من ذلك شيئاً، ثم رَجع إلى الربيع فغسل يديه] (٥) بالرَّمل، حتى أنقاهما، ثمَّ ضمَّ يديه كلَّ واحدة منهما إلى أختها، وشرب فيهما، حسى من الرَّبيع، ثمَّ قال: يا أبا نيزر: إنَّ الأكفَّ أنظفُ الآنية. ثم مسح ندى ذلك [الماء] على بطنه، وقال: مَنْ أدخله بطنُه النَّار فأبعدهُ الله، ثمَّ أخذَ المِعْوَل وانحدر، فجعل يضرب، وأبطأ عليه الماء فخرج، وقد تنضَّح جبينه عرقاً، فانتكف العَرَق عن جبينه، ثمَّ أخذ المِعْوَل، وعاد إلى العين، فأقبل يضرب فيها، وجعل يُهَمْهِم، فانثالت كأنَّها عنقُ جَزورٍ، فخرج مُسرعاً وقال: أُشهِد الله أنَّها صدقة، عليَّ بِدَواةٍ وصحيفة. قال: فعجلتُ بِهما إليه، فكتب (٦): بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما تصدَّق به عبد الله أمير


(١) هو أبو محلّم الشيباني، محمد بن هشام، وليس هو صاحب السيرة. كان إماماً في اللغة والعربية وأيام الناس، سمع من سفيان بن عُيينةَ ووكيع، وروى عنه الزبير بن بكار، وثعلب والمبرد، جالس الخلفاء العباسيين. مات سنة ٢٤٥ هـ. الوافي للصفدي ٥/ ١٦٦،
بغية الوعاة ١/ ٢٥٧.
(٢) ضاءلته: صغَّرته، فعند طبخه يصغر حجمه. القاموس (ضأل) ص ١٠٢٤.
(٣) الإهالة السنخة: الدسم المتغير. اللسان (سنخ) ٣/ ٢٦.
(٤) الربيع: النهر الصغير. القاموس (ربع) ص ٧١٩.
(٥) ما بين معقوفين من الكامل.
(٦) انظر تاريخ المدينة لابن شبة ١/ ٢٢٥.