للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

البناء، متقنة الأطواء (١)، متوسِّطة الرِّشاء، عذبة الماء، يظهر منها هذا الماء الكثير، ويجري في أقناءٍ تحت الأرض إلى المصلَّى، وهناك تنقسم نصفين، وعلى المقسم قبَّةٌ كبيرة مقسومة نصفين، يجري الماء منها في وجهين مُدرَّجين: وجهٍ قِبْليٍّ، ووجهٍ شمالي، وتخرج العين من القبة من جهة المشرق، ثمَّ تأخذ إلى جهة الشمال.

وأخذ الأميرُ سيفُ الدِّين الحسينُ بن أبي الهيجاء (٢) في حدود السِّتين وخمس مائة منها شعبةً من عند مخرجها من القُبَّة، فساقها إلى باب المدينة، باب المصلَّى، ثمَّ أوصلها إلى الرَّحْبة التي عند مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، من جهة باب السلام، وبنى لها منهلاً بدَرَج، من تحت الدُّور، يستقي منه أهل المدينة، وينتفعون بها، وجعل لها مصرفاً من تحت الأرض، يشقُّ وسط المدينة، على البلاط، ثمَّ يخرج إلى ظاهر المدينة من جهة الشمال، شرقيِّ حصن يسكنه أمير المدينة، وكان قد جعل منها شُعبةً صغيرةً، تدخل إلى صحن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل لها منهلاً بدَرَجٍ، عليه عقد، يخرج الماء إليه /٣٨٥ من فَوَّارةٍ، يتوضأ منها مَنْ شاء، فحصل في ذلك انتهاك حرمة المسجد، من كشف العورات، والاستنجاء في المسجد، فَسُدَّتْ لذلك، وجُعل عليها علامة.

وهذه العين إذا خرجَتْ من القُبة التي بالمصلَّى، سارت إلى جهة الشمال، حتى تصل إلى سور المدينة، وتدخل من تحته، إلى منهل آخر، بوجهين


(١) الأطواء: الطرائق، وهذا اللفظ مستعار من الأطواء في الناقة، والأطواء في الناقة: طرائق شحم سنامها. القاموس (طوى) ص ١٣٠٨.
(٢) كان صهر الملك الصالح، ووزير الملوك المصريين، كانت ولايته في سنة ست وستين وخمسمائة. فدامت نحو عامين. التحفة اللطيفة ١/ ٥١٦.