للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن السُّنَّة: حديث أبي سعيد الخدري، قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القومُ ألقَوا نعالهم، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال: "ما حملكم على إلقائِكم نعالَكم؟ " قالوا: رأيناك ألقيتَ نعليك فألقَينا نعالنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذَرًا -أو قال: أذىً-"، وقال: "إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه قذَرًا أو أذىً، فليمسحْه، وليصلِّ فيهما"، وهو حديث صحيح تقدم برقم (٦٥٠)، وسبق تخريجه تحت الحديث رقم (٣٨٧).

فهنا قد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في نعليه وبهما نجاسة، فلم ينصرف من صلاته، ولم يوهم فيها، ولم يلتبس عليه القرآن، وإنما جاءه جبريل فأخبره بذلك فخلعهما وأتم صلاته.

ومما يؤكد عدم حمل حديث أبي سعيد على ما يستقذر من الطاهرات ما ثبت من حديث أَنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في القبلة، فشق ذلك عليه، حتَّى رُئي في وجهه فقام فحكه بيده، فقال: "إن أحدكم إذا قام في صلاته، فإنه يناجي ربه، -أو: إن ربه بينه وبين القبلة -، فلا يبزقن أحدكم قِبَل قبلته، ولكن عن يساره، أو تحت قدمه"، ثم أخذ طرف ردائه، فبصق فيه، ثم رد بعضه على بعض، فقال: "أو يفعل هكذا" [أخرجه البخاري (٤٠٥)، وسبق تخريجه تحت الحديث رقم (٣٩٥)]، فكيف يجوِّز البصق تحت القدم في المسجد أو في الثوب، ثم يأتيه جبريل ليأمره بخلع نعليه لأنَّ فيهما ما هو في حكم البصاق والمخاط من الطاهرات.

وفي المقابل فكيف تؤثر طهارة المأموم ونظافته [كما جاء في شواهد حديث شبيب، والتي لا يصح منها شيء، إنما هي مراسيل، انظر مثلًا: غريب الحديث لأبي عبيد (١/ ٣٣٢ و ٣٣٤)، مسند البزار (٥/ ٢٧٩/ ١٨٩٣)، ضعفاء العقيلي (٢/ ٢٢١)، المجروحين (١/ ٣٧٩)، المعجم الكبير (١٠/ ١٨٥/ ١٠٤٠١)، أحكام القرآن للجصاص (١/ ٨٢)]، كيف تؤثر في قراءة الإمام، ولو كان ذلك مطردًا لما استطاع إمام أن يتم قراءته إلا وأوهم فيها؛ إذ لا يسلم المأمومون من عدم كمال طهارتهم ونظافتهم، فضلًا عن كون بعضهم قد يحضر الصلاة وهو على غير طهارة، فضلًا عن ارتكاب المعاصي والكبائر، فضلًا عن أهل النفاق، والله أعلم.

وقال ابن كثير في تفسيره (٣/ ٤٤٢): "وهذا إسناد حسن، ومتن حسن، وفيه سر عجيب ونبأ غريب، وهو أنَّه - صلى الله عليه وسلم - تأثر بنقصان وضوء من ائتم به، فدل ذلك على أن صلاة المأموم متعلقة بصلاة الإمام".

وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (١/ ٤٣٢): "هذا حديث حسن".

هذا مع ما علمت ما فيه من نكارة المتن، واضطراب إسناده، والله أعلم.

٩ - حديث أم هشام بنت حارثة بن النعمان:

يرويه عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان، قالت: ما أخذت {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} إلا من وراء نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، كان يصلي بها [في] الصبح.

<<  <  ج: ص:  >  >>