للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا حديث ضعيف؛ لأجل جهالة تابعيه، وأبوه لا نعلم هل أسلم بعدُ أم لا؟ لا سيما ولم يشهد بالنبوة أو الرسالة حين الأداء، وإنما قال: سمعت محمدًا.

• وروي أيضًا من حديث ابن عباس، وأنس، وعلي بن أبي طالب، وأبي أمامة، وابن عمر، وجاج، وهي مناكير وأباطيل، عدا الأخيرين فلهما إسناد محتمل [عند: يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (٢/ ٢٥١)، وابن أبي حاتم في العلل (١/ ١٥٥/ ٤٣٧)، والبيهقي في شعب الإيمان (٢/ ٤٤٧/ ٢٣٦٢) و (٢/ ٤٤٨/ ٢٣٦٣)، وفي القراءة خلف الإمام (٩٣ و ٩٤ و ٩٨ - ١٠٢ و ١٦٦)، والخطيب في تاريخ بغداد (٥/ ٢٠٣) و (١٣/ ٢٥)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (١/ ٤١٦/ ٧٠٥)].

• ومن فقه حديث أبي هريرة:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فهذا يقوله - سبحانه وتعالى - لكل مصَلٍّ قرأ الفاتحة، فلو صلى الرجل ما صلى من الركعات قيل له ذلك، وفي تلك الساعة يصلي من يقرأ الفاتحة من لا يحصي عدده إلا الله، وكل واحد منهم يقول الله له كما يقول لهذا، كما يحاسبهم كذلك، فيقول لكل واحد ما يقول له من القول في ساعة واحدة، وكذلك سمعه لكلامهم، يسمع كلامهم كلّه مع اختلاف لغاتهم وتفنن حاجاتهم، يسمع دعاءهم سمع إجابة، ويسمع كل ما يقولونه سمع علم وإحاطة، لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه المسائل، ولا يتبرم بإلحاح الملحين، فإنه سبحانه هو الَّذي خلق هذا كلّه، وهو الَّذي يرزق هذا كلّه، وهو الَّذي يوصل الغذاء إلى كل جزء جزء من البدن على مقداره وصفته المناسبة له، وكذلك من الزرع" [مجموع الفتاوى (٥/ ٤٧٩)].

وقال ابن رجب في شرح حديث أبي هريرة: "فهذا الحديث يدل على أن الله يستمع لقراءة المصلي حيث كان مناجيًا له، ويرد عليه جواب ما يناجيه به كلمة كلمة، فأول الفاتحة حمد، ثم ثناء، وهو تثنية الحمد وتكريره، ثم تمجيد، والثَّناء على الله بأوصاف المجد والكبرياء والعظمة، ثم ينتقل العبد من الحمد والثَّناء والتمجيد إلى خطاب الحضور، كأنه صلح حينئذ للتقريب من الحضرة فخاطب خطاب الحاضرين، فقال {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وهذه الكلمة قد قيل: إنها تجمع سر الكتب المنزلة من السماء كلها؛ لأنَّ الخلق إنما خلقوا ليؤمروا بالعبادة، كما قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات: ٥٦]، وإنما أرسلت الرسل وأنزلت الكتب لذلك، فالعبادة حق الله على عباده، ولا قدرة للعباد عليها بدون إعانة الله لهم، فلذلك كانت هذه الكلمة بين الله وبين عبده؛ لأنَّ العبادة حق الله على عبده، والإعانة من الله فضل من الله على عبده.

وبعد ذلك الدعاء بهداية الصراط المستقيم؛ صراط المنعم عليهم، وهم الأنبياء وأتباعهم من الصديقين والشهداء والصالحين، كما ذكر ذلك في سورة النساء.

فمن استقام على هذا الصراط حصل له سعادة الدنيا والآخرة، واستقام سيره على الصراط يوم القيامة، ومن خرج عنه فهو إما مغضوب عليه، وهو من يعرف طريق الهدى

<<  <  ج: ص:  >  >>