للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بما رأى من فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومعاذ بن جبل قد رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد جمع بين الصلاتين، وهو نازل في المنزل غير سائر، فخبر بما رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فعله، فالجمع بين الصلاتين إذا جدَّ بالمسافر السير جائز؛ كما فعله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-[كما في حديث ابن عمر]، وكذلك جائز له الجمع بينهما وإن كان نازلًا لم يجدَّ به السير، كما فعله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-[كما في حديث معاذ]، ولم يقل ابن عمر: إن الجمع بينهما غير جائز إذا لم يجد به السير، لا أثرًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك، ولا مخبرًا عن نفسه".

وقال ابن المنذر في الأوسط (٢/ ٤٢٠): "ولعل بعض من لم يتسع في العلم يحسب أن الجمع بين الصلاتين في السفر لا يجوز إلا في الحال التي يجد بالمسافر السير، وليس ذلك كذلك، وقد ثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه جمع بين الظهر والعصر وهو نازل غير سائر".

وقال أيضًا بعد حديث هشام بن سعد: "فدل قوله: "فكان لا يروح" على أنه جمع بينهما وهو نازل غير سائر، ودل على ذلك حديث مالك عن أبي الزبير عن أبي الطفيل،. . . "، ثم نقل كلام ابن خزيمة السابق ذكره بتصرف، وقال في آخره: "ولم يذكر أحدٌ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن الجمع بين الصلاتين في السفر في حالٍ دون حالٍ؛ فيوقف عن الجمع بينهما لنهي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-".

° والدليل على جواز الجمع حال النزول عند الحاجة؛ ليس هو حديث معاذ بن جبل هذا؛ وإنما هي أدلة أخرى، فمنها:

١ - حديث أبي جيحفة -رضي اللَّه عنه- في نزوله -صلى اللَّه عليه وسلم- بالأبطح، قبل خروجه من مكة في حجة الوداع، وقبل طواف الوداع:

• فقد روى سفيان الثوري: حدثنا عَوْنُ بن أبي جُحَيْفَةَ، عن أبيه، قال: أتيتُ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة، وهو بالأبطح، في قُبَّةٍ له حمراءَ من أَدَم، قال: فخرج بلال بوَضوئه، فمن نائل وناضح، قال: فخرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه حُلَّةٌ حمراء، كأني أنظر إلى بياض ساقيه، قال: فتوضَّأ، وأذَّن بلال، قال: فجعلت أتتبَّع فاه هاهنا وهاهنا، يقول يمينًا وشمالًا، يقول: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، قال: ثم رُكِزَتْ له عَنَزَة، فتقدم فصلى الظهر ركعتين، يَمُرُّ بين يديه الحمار والكلب لا يُمْنَع، ثم صلى العصر ركعتين، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة.

أخرجه البخاري (٦٣٤)، ومسلم (٥٠٣/ ٢٤٩) واللفظ له.

• ورواه شعبة، عن عون بن أبي جحيفة، قال: سمعت أبي، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بهم بالبطحاء، وبين يديه عَنَزَة، الظهرَ ركعتين والعصرَ ركعتين، يمر بين يديه المرأةُ والحمارُ.

وفي رواية: خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالهاجرة، فأُتي بوَضوء فتوضأ، فصلى بنا الظهر والعصر، وبين يديه عَنَزَة، والمرأة والحمار يمرون من ورائها.

أخرجه البخاري (٤٩٥ و ٤٩٩ و ٣٥٥٣)، ومسلم (٥٠٣/ ٢٥٣).

• ورواه مالك بن مغول، قال: سمعت عون بن أبي جحيفة، ذكر عن أبيه، قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>