للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* قال أبو داود في مسائله لأحمد (٤٦١): "سمعت أحمد سئل عمن يوتر بتسع؟ قال: إذا كان يوتر [وفي رواية: إذا أوتر] بتسع فلا يقعد إلا في الثامنة" [مختصر كتاب الوتر لابن نصر (٢٨٨)].

وقال ابن القيم في الزاد (١/ ٣١٩): "قال أبو طالب: سألت أبا عبد الله: إلى أي حديث تذهب في الوتر؟ قال: أذهب إليها كلها: من صلى خمساً لا يجلس إلا في آخرهن، ومن صلى سبعاً لا يجلس إلا في آخرهن، وقد روي في حديث زرارة عن عائشة: يوتر بتسع يجلس في الثامنة.

قال: ولكن أكثر الحديث وأقواه ركعة، فانا أذهب إليه، ... ".

وقال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (٣٣٥): "قلت لأبي: قال بعض الناس: أوتر بركعتين؟ قال: لا يكون هذا وتراً حتى يكون واحدة، أو ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، وهذا كله يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأحب إلي أن يوتر بواحدة إذا كان قبلها صلاة متقدمة".

وقال محمد بن نصر في كتاب الوتر (٢٨٤ - مختصره): "وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أوتر بسبع، لم يجلس إلا في السادسة والسابعة، ولم يسلم إلا في آخرهن.

وقد روي عنه أنه أوتر بتسع لم يجلس إلا في الثامنة والتاسعة.

وكل ذلك جائز أن يعمل به اقتداء به صلى ... "، إلى أن قال: "لأنها أخبار حسان غير مدفوعة عند أهل العلم بالأخبار".

وعلى هذا؛ فانفراد سعد بن هشام عن عائشة بهذه الهيئة في الوتر لا يضره، فإن سعد بن هشام: تابعي ثقة، لقي عائشة وهو كبير، فيصعب توهيمه بغير حجة، لا سيما ولم يتكلم فيه الأئمة بجرح، ولم يوهنوه لأجل هذا الحديث مع اشتهاره، وتعدد طرقه عنه، وبلوغه الآفاق، بل قد وثقه ابن سعد، والنسائي على تشدده في الرجال، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج له الشيخان [التهذيب (١/ ٦٩٨)]، وكون عائشة قد اختصته بصفة خاصة من قيام الليل غير مستبعد، كما اختصت غيره، ثم إنه قد ذكر في الحديث قصة له تدل على حفظه للحديث، وضبطه له، فهي واقعة وقعت له حيث طلق زوجته وذهب ليبيع عقاره بالمدينة ليجعله في السلاح والكراع ثم يجاهد حتى يموت، فلما رده قومه عن ذلك، راجع امرأته، وذهب يسأل عن عبادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عن خلقه وقيامه ووتره، فكان ذلك أدعى لحفظه وضبطه لما يرويه، ثم إنه لم يصرح الأئمة الكبار بإنكار هذا الحديث عليه، بدعوى أنه قد أتى فيه بما لم يُعرف إلا من طريقه؛ وذلك لأن مثل هذا مما يحتمل، وأن عائشة كانت تحدث كلًّا بصورة من صور وتره - صلى الله عليه وسلم -، فلا يقال بأن عائشة اضطربت كما زعم بعضهم، والله أعلم.

قال القرطبي في المفهم (٢/ ٣٦٧): "قد أشكلت هذه الأحاديث على كثير من العلماء حتى إن بعضهم نسبوا حديث عائشة في صلاة الليل إلى الاضطراب.

وهذا إنما كان يصح لو كان الراوي عنها واحداً أو أخبرت عن وقتٍ واحدٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>