للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والصحيح أن كل ما ذكرته صحيح من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في أوقات متعددة، وأحوال مختلفة، حسب النشاط والتيسير، ولتبيين أن كل ذلك جائز".

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (٣/ ١٠): "المثال الثالث والسبعون: ردُّ السُّنَّة الصحيحة الصريحة المحكمة في الوتر بخمس متصلة وسبع متصلة؛ ... فذكر الأحاديث إلى أن قال: "وكحديث عائشة - رضي الله عنها -؛ أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي من الليل تسع ركعات، لا يجلس فبها إلا في الثامنة، ... "، فذكر الحديث، ثم قال: "وكلها أحاديث صحاح صريحة لا معارض لها؛ فردت هذه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الليل مثنى مثني" وهو حديث صحيح، ولكن الذي قاله هو الذي أوتر بالتسع والسبع والخمس، وسُننه كلُّها حق يصدِّق بعضها بعضاً؛ فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أجاب السائل له عن صلاة الليل بأنها مثنى مثنى، ولم يسأله عن الوتر، وأما السبع والخمس والتسع والواحدة فهي صلاة الوتر، والوتر اسم للواحدة المنفصلة مما قبلها، وللخمس والسبع والتسع المتصلة".

وقال ابن رجب في الفتح (٦/ ٢٠١): "وأجاز أحمد وأصحابه وإسحاق: أن يوتر بثلاث موصولة، وأن يوتر بخمس لا يجلس إلا في آخرهن، وبتسع لا يجلس إلا في الثامنة، ولا يسلم ثم يقوم فيصلي ركعة، ثم يسلم؛ لما جاء في حديث عائشة المتقدم.

وجعلوا هذه النصوص خاصة، تخص عموم حديث: "صلاة الليل مثنى مثنى"، وقالوا في التسع والسبع والخمس: الأفضل أن تكون بسلام واحد؛ لذلك".

* قلت: فالكل صحيح من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في أوقات متعددة، وأحوال مختلفة، حسب النشاط والتيسير، ولتبيين أن كل ذلك جائز.

وسوف يأتي نقل كلام أهل العلم في ذلك مفصلاً عند الحديث رقم (١٣٥٢)، إن شاء الله تعالى.

١٣٤٦ - قال أبو داود: حدثنا علي بن حسين الدرهمي: حدثنا ابن أبي عدي، عن بهز بن حكيم: حدثنا زرارة بن أوفى؛ أن عائشة - رضي الله عنها - سئلت عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جوف الليل، فقالت: كان يصلي صلاةَ العشاء في جماعةٍ، ثم يرجعُ إلى أهله، فيركع أربع ركعاتٍ، ثم يأوي إلى فراشه، وينامُ وطَهورُه مغطًّى عند رأسه، وسواكُه موضوعٌ، حتى يبعثه الله ساعتَه التي يبعثه من الليل، فيتسوَّك، ويسبغ الوضوء، ثم يقوم إلى مصلاه، فيصلي ثماني ركعاتٍ، يقرأ فيهنَّ بأمِّ الكتاب، وسورةٍ من القرآن، وما شاء الله، ولا يقعد في شيء منها حتى يقعد في الثامنة، ولا يسلم، ويقرأ في التاسعة، ثم يقعد، فيدعو بما شاء الله أن يدعوه، ويسأله، ويرغب إليه، ويسلِّم تسليمةً واحدةً شديدةً، يكاد يوقظُ أهلَ البيت من شدِّة تسليمه، ثم يقرأ وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>