للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحد من الأئمة كأحمد وغيره، ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد موقَّتٌ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ" [مجموع الفتاوى (٢٢/ ٢٧٢)].

ومما يؤيد ما ذهب إليه: أن حديث ابن عمر المتفق عليه جاء في رواياته ما يبين أن السائل كان أعرابيًّا من أهل البادية، وأنه سأل عن كيفية صلاة الليل والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب على المنبر؛ ففي بعض روايات الصحيح: سأل رجل النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو على المنبر: ما ترى في صلاة الليل؟ قال: "مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى واحدةً، فأوترت له ما صلى وإنه كان يقول: اجعلوا آخر صلاتكم وترًا، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر به.

وفي رواية: أن رجلًا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يخطب، فقال: كيف صلاة الليل؟ فقال: "مثنى مثنى، فإذا خشيتَ الصبحَ فأوتر بواحدة، توتر لك ما قد صليت".

وفي رواية خارج الصحيح: عن عبد الله بن عمر؛ أنه كان قاعدًا في أصل منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يخطب الناس، فجاءه رجل من أهل البادية، فقال: يا رسول الله! صلاة الليل؟ قال: "نعم، مثنى مثنى، فإذا خشيت أن يرهقك الفجر" أو: "يدركك الفجر، ركعت ركعة، فأوترت لك ما مضى". [راجع: تخريجه بطرقه وألفاظه مفصلًا: تحت الحديث رقم (١٢٩٥)].

فإذا كان السائل يسأل عن كيفية صلاة الليل، ولم يكن من أهل المدينة، بحيث يمكنه الاطلاع على حال النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاته بالليل، كمثل ما وقع لابن عباس وحذيفة وابن مسعود وزيد بن خالد الجهني وغيرهم، ثم يجيبه النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الجواب من غير توقيت الصلاة بعدد معين، بحيث لا يزيد عليه ولا ينقص منه، دل على السعة في الأمر، وأن المصلي بالليل ليس له عدد معين يتقيد به في صلاته بالليل؛ إنما هو بحسب النشاط والسعة، وأما الوتر فأرشده فيه أن يوتر بواحدة إذا خشي الصبح، وقد ثبت من فعله -صلى الله عليه وسلم- أنه أوتر بخمس وسبع وتسع بسلام واحد، فلا تعارض بينهما، والله أعلم.

***

١٣٥٣ - قال أبو داود: حدثنا محمد بن عيسى: حدثنا هشيم: أخبرنا حصين، عن حبيب بن أبي ثابت،

(ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا محمد بن فضيل، عن حصين، عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن ابن عباس؛ أنه رقد عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فرآه استيقظ، فتسوَّك وتوضَّأ، وهو يقول: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي} [آل عمران: ١٩٣] حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين أطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف، فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مراتٍ ستَّ ركعاتٍ، كلُّ ذلك يستاك، ثم يتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر

<<  <  ج: ص:  >  >>