للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٠٠)]، وحديث: "إن في الصلاة لشغلًا" [راجَع: فضل الرحيم الودود (١٠/ ١١٤/ ٩٢٣)، البخاري (١١٩٩ و ١٢١٦)، مسلم (٥٣٨)]، وغيرها.

وفي هذا الحديث؛ فقد اختلف سياق الحديثين اختلافًا بيِّنًا مما يدل على حفظ ابن فضيل له، وضبطه لمتنه، لا سيما والمتن الذي رواه عن حصين هو المشهور عنه، وبه رواه عنه أصحابه، والمتن الذي رواه من حديث كريب هو المشهور عنه، وبه رواه عنه أصحابه.

وأما قوله في هذا الحديث: في إبل أعطاها إياه من إبل الصدقة؛ فقد تأوله العلماء: قال الخطابي في المعالم (٢/ ٧٢): "وهذا لا أدري ما وجهه والذي لا أشك فيه أن الصدقة محرمة على العباس، والمشهور أنه أعطاه من سهم ذوي القربى من الفيء، ويشبه أن يكون ما أعطاه من إبل الصدقة -إن ثبت الحديث- قضاءً عن سلفٍ كان تسلفه منه لأهل الصدقة، فقد رُوي أنه شُكي إليه العباس في منع الصدقة، فقال: هي عليَّ ومثلها، كانه كان قد تسلف منه صدقة عامين فردها، أو رد صدقة أحد العامين عليه لما جاءته إبل الصدقة، فروى الحديث من رواه على الاختصار من غير ذكر السبب فيه، والله أعلم".

وقال البيهقي: "فهذا لا يحتمل إلا معنيين: أحدهما: أن يكون فبل تحريم الصدقة على بني هاشم، ثم صار منسوخًا بما مضى، والآخر: أن يكون استسلف من العباس للمساكين إبلًا، ثم ردها عليه من إبل الصدقة، فقد روينا في كتاب الزكاة ما دل على ذلك، والله أعلم".

وقال ابن العربي في الأحكام (٢/ ٥٤١): "وجوابه لو صح: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استسلف من العباس، فردَّ إليه ما استسلف من الصدقة، فأكلها بالعوض" [وانظر أيضًا: المحلى لابن حزم (٨/ ١٢٥)].

وبعد هذا كله: فإنه يغلب على ظني؛ أن ابن فضيل وهم في ذكر حبيب في حديث الأعمش، وإنما هو: سالم بن أبي الجعد؛ فإنه مروي عن الأعمش من وجهين:

* فقد رواه محمد بن أبي عبيدة [ثقة]، عن أبيه [هو: أبو عبيدة عبد الملك بن معن المسعودي: ثقة]، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، ... مختصرًا في إبل الصدقة.

أخرجه أبو داود (١٦٥٤)، ومن طريقه: البيهقي (٧/ ٣٠)، [التحفة (٤/ ٦٦٥/ ٦٣٥٠)، المسند المصنف (١١/ ٦٣٤/ ٥٦٣٩)].

فإن قيل: ابن فضيل ثقة مكثر، من أصحاب الأعمش المقدمين فيه، وأبو عبيدة المسعودي: لم يكن بالمكثر عن الأعمش، وله عنه أوهام [انظر: علل الدارقطني (١٠/ ١١١/ ١٩٠١) و (١٠/ ١٥٧/ ١٩٤٩) و (١٢/ ٣٧٤/ ٢٨٠١) و (١٢/ ٤٣٢/ ٢٨٧٠)].

فيقال: يؤيد كون أبي عبيدة حفظه عن الأعمش، متابعة جرير بن عبد الحميد له.

* فقد تابعه على هذا الوجه بطرف آخر من الحديث:

جرير بن عبد الحميد [ثقة، من أصحاب الأعمش]، عن الأعمش، عن سالم بن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>