للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الذهبي في الميزان (٤/ ٤٩٦): "وهو حسن الحديث، صدوق"، وتبعه ابن حجر في التقريب، فليس هو بالثقة الحجة، ولكنه صدوق يحتج به، وأوهامه ليست بالكثيرة التي تنزله عن هذه الرتبة، فإن ظهرت لنا قرائن تدل على خطئه، رددنا روايته، والله أعلم.

ولذلك فإن رواية النهشلي لهذا الحديث أُراها وهمًا منه على حبيب بن أبي ثابت، ولعله دخل له حديث في حديث؛ لأمور:

الأول: أن هذا الحديث يُعرف عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده ابن عباس، وليس من حديث يحيى بن الجزار عن ابن عباس.

والثاني: أن أبا بكر النهشلي لم يضبط متنه، فقد اختلف عليه الثقات في متنه.

والثالث: أن يحيى بن آدم قد روى أثرًا لأبي بكر النهشلي، فأدخل فيه رجلًا بينه وبين حبيب بن أبي ثابت.

رواه يحيى بن آدم، قال: حدثنا أبو بكر النهشلي، عن محمد بن قيس، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاووس، ... فذكر أثرًا مقطوعًا عليه.

أخرجه ابن أبي شيبة (٤/ ٥٥٤/ ٢٣٠٨٦)، والبخاري في التاريخ الكبير (١/ ٢١٠).

فلعل هذا الحديث مما لم يسمعه أبو بكر النهشلي من حبيب.

والرابع: أن حديث يحيى بن الجزار إنما يرويه الثقات الأثبات عنه عن أم سلمة، وعن عائشة:

فقد روى أبو معاوية [ثقة، من أثبت الناس في الأعمش]، عن الأعمش [ثقة ثبت حافظ]، عن عمرو بن مرة [ثقة مأمون]، عن يحيى بن الجزار، عن أم سلمة، قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوتر بثلاث عشرة، فلما كبر وضعف أوتر بسبعٍ.

أخرجه الترمذي (٤٥٧)، وغيره [تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٣٣٩)].

ورواه سفيان الثوري، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وزائدة بن قدامة، وأبو عوانة، ومحمد بن فضيل [وهم ثقات، من أصحاب الأعمش المقدمين فيه]:

عن الأعمش، عن عمارة بن عمير [ثقة ثبت]، عن يحيى بن الجزار، عن عائشة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي من الليل تسع ركعاتٍ، فلما كثر لحمه وأسنَّ صلى سبع ركعاتٍ.

أخرجه النسائي في المجتبى (٣/ ٢٣٨/ ١٧٠٩)، وغيره [تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٣٣٩ و ١٣٤٠)].

وقد أعل النسائي حديث النهشلي بحديث أم سلمة وعائشة، فدل ذلك على كونه غير محفوظ عنده، وأنه لم يخرجه محتجًّا به.

قال النسائي بعد حديث النهشلي: "خالفه عمرو بن مرة؛ فرواه عن يحيى بن الجزار عن أم سلمة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، ثم قال: "خالفه عمارة بن عمير؛ فرواه عن يحيى بن الجزار عن عائشة".

وقد قلت في الموضع المحال عليه من فضل الرحيم الودود [(١٣٣٩ و ١٣٤٠)] بأن

<<  <  ج: ص:  >  >>