للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى هذا فإن رواية حبيب بن أبي ثابت يمكن حملها على رواية المنهال بن عمرو، وأنها مروية بالمعنى، لتقترب من بقية الروابات عن ابن عباس، وأن دعاءه -صلى الله عليه وسلم- كان بعدما قضى صلاته حتى اتصل دعاؤه بالخروج إلى الصلاة، وهو وجه من رواية سعيد بن جبير، كما تقدم بيانه، لكن في حديث كريب أنه دعا به في سجوده، وهو أيضًا وجه من رواية سعيد بن جبير، ولا أستبعد التعدد في مثل ذلك، مع اتحاد الواقعة؛ يعني: مع كون ابن عباس ينقل لنا ما رآه من صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل في ليلة بعينها، وأن قصة مبيته هذه لم تتعدد، ومع ذلك فلا مانع من القول بأن نفس الدعاء الذي دعا به -صلى الله عليه وسلم-، قد تكرر في موضعين، مرة في سجوده، ومرة بعد فراغه من صلاة الركعتين قبل الفجر، وقبل خروجه لصلاة الفريضة، والله أعلم.

* قال الطحاوي في الشرح (١/ ٢٨٧): "فأخبر علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه، عن وتر النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف كان في صلاته تلك، وأنه ثلاث، وخالف أبا جمرة وعكرمة بن خالد وكريبًا في عدد التطوع".

قلت: مثل هذا يحتمل تأويله، ويرد متشابهه إلى محكمه، والله أعلم.

* قال ابن حجر في الفتح (٢/ ٤٨٤): "والحاصل: أن قصة مبيت ابن عباس يغلب على الظن عدم تعددها؛ فلهذا ينبغي الاعتناء بالجمع بين مختلف الروايات فيها، ولا شك أن الأخذ بما اتفق عليه الأكثر والأحفظ أولى مما خالفهم فيه من هو دونهم، ولا سيما إن زاد أو نقص، والمحقق من عدد صلاته في تلك الليلة إحدى عشرة، وأما رواية ثلاث عشرة فيحتمل أن يكون منها سُنَّة العشاء، ويوافق ذلك رواية أبي جمرة عن ابن عباس الآتية في صلاة الليل بلفظ: كانت صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث عشرة؛ يعني بالليل، ولم يبين هل سُنَّة الفجر منها أو لا، ... ".

* قلت: ومن وجوه الجمع بين حديث علي بن عبد الله بن عباس، وحديث سعيد بن جبير، وحديث كريب: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في ليلته تلك إحدى عشرة ركعة [كما سيأتي بيانه عند حديث سعيد بن جبير برقم (١٣٥٧)]، فيكون ابن عباس لما حدث ابنه عليًّا بهذه القصة اختصر منها ذكر الركعتين الخفيفتين اللتين يستفتح بهما صلاة الليل [كما جاء ذلك في حديث سعيد بن أبي هلال عن مخرمة بن سليمان، ويأتي برقم (١٣٦٤) كما أن قوله: أوتر بثلاث، يحمل على الفصل، لثبوت الرواية عن ابن عباس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوتر في تلك الليلة بركعة واحدة [كما سيأتي بيانه عند حديث سعيد بن جبير برقم (١٣٥٦)].

* وروى خالد بن عمرو القرشي: حدثنا عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- كلما جلس للصلاة استن.

أخرجه أبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (١٤٧) (٧٦٢ - المخلصيات)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (٤٧/ ٣٣١).

وهذا حديث باطل؛ خالد بن عمرو القرشي، هو: ابن محمد بن عبد الله بن سعيد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>