للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حملها على رواية شبابة المفسرة: "ثم أوتر بثلاث ثم صلى الركعتين قبل الفجر فلما فرغ من صلاته قال"؛ يعني: أنه لما قضى صلاته في بيته ومنها صلاة الركعتين قبل الفجر عندئذ دعا بهذا الدعاء، لكن في رواية حبيب جعل الدعاء حين خروجه إلى الصلاة، فقال: "ثم خرج إلى الصلاة وهو يقول"، ولعله رواها بالمعنى؛ أي: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا بهذا الدعاء بعد فراغه من صلاته، واختتم صلاته به، حتى اتصل ذلك بخروجه إلى صلاة الفريضة، والله أعلم.

وأكثر الرواة جعلوا هذا الدعاء في صلاته -صلى الله عليه وسلم- بالليل في بيته، وليس في صلاة الفريضة بالناس في المسجد، ولا في الطريق إلى المسجد، فقد قال سفيان الثوري في روايته عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس [تأتي قريبًا]: "وكان يقول في دعائه"؛ وموضع الدعاء هو السجود، يعني: في صلاته التي وصفها ابن عباس، وهو لم يصف صلاته بالناس الفريضة، وقال سعيد بن مسروق عن سلمة بن كهيل: "وكان يقول في سجوده"؛ يعني: في صلاته التي وصفها ابن عباس، وهي رواية مفسرة لما أجمل في رواية غيره، وقال عقيل بن خالد عن سلمة بن كهيل: "ودعا وسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلتئذ تسع عشرة كلمة"، ومذا صريح في كون ذلك كان في صلاته -صلى الله عليه وسلم- بالليل، وموضع الدعاء هو السجود على ما صرح به سعيد بن مسروق في روايته، وشذ ابن إسحاق فرواه عن سلمة بن كهيل ومحمد بن الوليد بن نويفع، كلاهما عن كريب عن ابن عباس، قال: "وركعتين بعد طلوع الفجر قبل الصبح، ثم دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعاءً"؛ فذكره ثم قال: "ثم اضطجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على شقه الأيمن فقام".

وفي حديث يحيى بن عباد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس؛ أنه دعا بهذا الدعاء بعدما قضى صلاته من الليل، وفي رواية: "ففهمت من دعائه"؛ يعني: في صلاته تلك الليلة [وفيهما ضعف. انظر: ما سيأتي برقم (١٣٥٨)].

وقال أبو هاشم الرماني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: "فسمعته قال في مصلاه"، وهذا يحتمل الأمرين: كونه دعا به في سجوده، أو دعا به بعدما فرغ من ركعتي الفجر [وهو حديث صحيح. انظر: ما سيأتي برقم (١٣٥٨)].

فإن قيل: جاء في رواية شعبة عن سلمة بن كهيل: "ثم خرج إلى الصلاة فصلى، نجعل يقول في صلاته، أو في سجوده" -شك شعبة-، قلت: شك شعبة هنا قرينة على كونه لم يضبط موضع الدعاء، ولعله وقع له فيه تقديم وتأخير، حيث قدم قوله: "ثم خرج إلى الصلاة فصلى"، وحقه التأخير، فتصبح رواية شعبة -على هذا التأويل- متابعة لرواية سعيد بن مسروق في تعيين موضع الدعاء، وهو السجود -على تردد وقع من شعبة-، لكن ذلك كان في صلاة الليل، لا في صلاة الفريضة، فأكثر الرواة عن سلمة بن كهيل على أنه دعا به في صلاته -صلى الله عليه وسلم- بالليل، وقيده سعيد بن مسروق بالسجود، وهو موضع الدعاء، وعليها تحمل بقية الروايات المجملة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>