للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بجلاء صحة الحديث، وإبهام الصحابي هنا لا يضر؛ فقد سمع منه أبو العالية، كما قد أثبت له أبو العالية السماعَ من النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وأبو العالية الرياحي رفيع بن مهران: تابعي كبير، من الطبقة الثانية، أدرك أبا بكر وعمر وعليًاأ، واختلف في سماعه من علي، وكانت وفاته سنة (٩٣) أو بعدها، وقد أخرج الشيخان لأبي العالية عن ابن عباس، وقد سمع منه [التحفة (٤/ ٢٨٤ - ٢٨٧/ ٥٤٢٠ - ٥٤٢٤) و (٧/ ٢٢٠/ ١٥٤٩٢)، [وانظر: بيان الوهم (٢/ ٥٩٦/ ٥٩٩) و (٢/ ٦٠٩ - ٦١١)].

فهو حديث صحيح.

ويبدو أنه قد سرقه بعضهم، أو أدخله على بعض الرواة:

فقد رواه جبارة بن المغلس: ثنا قيس [هو: ابن الربيع: ليس بالقوي، ضعفه غير واحد، وابتلي بابنٍ له كان يدخل عليه ما ليس من حديثه فيحدث به. انظر: التهذيب (٣/ ٤٤٧)، الميزان (٣/ ٣٩٣)]، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، قال: حدثني من سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أعطوا كل سورة حظها من الركوع والسجود".

أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (٦/ ٣١٧٣/ ٧٣٠١).

قلت: هو حديث باطل؛ جبارة بن المغلس: واهٍ، يروي اْحاديث كذب، ما كان يتعمدها؛ إنما كان يوضع له الحديث؛ فيحدث به، قال أبو زرعة: "قال لي ابن نمير: ما هو عندي ممن يكذب، قلت: كتبت عنه؟ قال: نعم، قلت: تحدث عنه؟ قال: لا، قلت: ما حاله؟ قال: كان يوضع له الحديث، فيحدث به، وما كان عندي ممن يتعمد الكذب" [التهذيب (١/ ٢٨٨)، الميزان (١/ ٣٨٧)، الجرح والتعديل (٢/ ٥٥٠)].

° ويمكن الجمع بين حديث أبي العالية، عمن سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أعطوا كل سورة حظها من الركوع والسجود"، وبين حديث أبي وائل، قال: جاء رجل إلى ابن مسعود، فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال عبد الله: هذًّا كهذِّ الشِّعر، لقد عرفت النظائر التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرن بينهن، فذكر عشرين سورة من المفصل، سورتين في كل ركعة.

بأن يحمل الأول على غالب حال النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث كان يفرد لكل سورة ركعة [راجع في ذلك القراءة في الصلوات المكتوبات من فضل الرحيم الودود (٩/ ١٤ - ١١٢/ ٨٠٤ - ٨١٧)]، ولا يخالف ذلك إقرانه بين السور أحيانًا، كما في حديث ابن مسعود، وحديث عائشة، وحديث حذيفة، وغيرها من الأحاديث الدالة على جواز الإقران بين السور في ركعة.

أو بحمل الأول على غير المفصل، حيث خصص حديث ابن مسعود وعائشة الإقران بالمفصل دون ما عداه، ويكون حديث حذيفة واقعة عين.

والاحتمال الأول أولى، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>