للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأم، وهذان لأم، وهذان لأم، وهذا لأم، فما أخطأ، وكان يحيى أخو محمد لأمه"، وفي هذا النقل ما يدل على أن عبد الله بن الحارث الأنصاري كان كبيرًا معروفًا بالطلب، حيث إنه هو الذي أدخل ولد سيرين على زيد بن ثابت، فإن كان عبد الله بن الحارث أدرك زيد بن ثابت كبيرًا ودخل عليه، وزيد توفي بعد الخمسين وقيل: قبلها؛ يعني: أنه توفي قبل عائشة بما يقرب من سبع سنين أو أكثر، وعليه: فإن إدراك عبد الله بن الحارث لعائشة وسماعه منها غير مستبعد، حيث أدرك من هو أكبر من عائشة، كما أنه كان يدخل على الصحابة، ويدل الناس عليهم، حتى ينهلوا من علمهم، ولم يعرف عبد الله بتدليس ولم يشتهر بإرسال [الجرح والتعديل (٥/ ٣١)، التهذيب (٢/ ٣١٨)]، مع ثبوت حديثه هذا من حديث ثوبان، كما سيأتي، والله أعلم.

وقد ذهب ابن حبان إلى أن يحيى بن أبي كثير وهم في إسناد حديث رواه عن أبي قلابة، فقال: حدثني أبو قلابة؛ أن عبد الله بن نسيب أخبره؛ أن عائشة أخبرته؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طرقه وجع ... ، فذكر حديثًا في شدة البلاء على الصالحين [صحيح ابن حبان (٧/ ١٨٢/ ٢٩١٩) ثم قال ابن حبان: "يحيى بن أبي كثير واهم في قوله: عبد الله بن نسيب، إنما هو عبد الله بن الحارث، نسيب ابن سيرين، فسقط عليه الحارث، فقال: عبد الله بن نسيب"، فلو صح كلام ابن حبان، لكان دليلًا على ثبوت سماع عبد الله بن الحارث من عائشة في الأسانيد، والله أعلم [راجع: تخريج أحاديث الذكر والدعاء (٤/ ١٣٠٥/ ٦٧٦)].

فإن قيل: ظاهر عبارة البخاري في التاريخ الكبير (٥/ ٦٤) تدل على عدم سماعه من عائشة، حيث قال: "عبد الله بن الحارث أبو الوليد البصري؛ هو الأنصاري، نسيب ابن سيرين: عن عائشة وابن عباس"، فيقال: وتدل أيضًا على عدم سماعه من ابن عباس، لكن البخاري قد احتج بحديثه عن ابن عباس في صحيحه، وفيه ما يدل على السماع، حيث أخرج من طريق: حماد، عن أيوب وعبد الحميد صاحب الزيادي وعاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث، قال: خطبنا ابن عباس في يوم ردغ [صحيح البخاري (٦١٦) ثم أخرجه من طريق: حماد بن زيد، قال: حدثنا عبد الحميد صاحب الزيادي، قال: سمعت عبد الله بن الحارث، قال: خطبنا ابن عباس في يوم ذي ردغ [صحيح البخاري (٦٦٨) ثم أخرجه من طريق: إسماعيل بن عليه، قال: أخبرني عبد الحميد صاحب الزيادي، قال: حدثنا عبد الله بن الحارث ابن عم محمد بن سيرين؛ قال ابن عباس لمؤذنه في يوم مطير صحيح البخاري (٩٠١)] [راجع تخريجه مفصلًا في فضل الرحيم الودود (١١/ ٣٣٢/ ١٠٦٦)].

كذلك من الأدلة على أن عبد الله بن الحارث كان كبيرًا، يحتمل سماعه من عائشة: وفيات تلاميذه وطبقاتهم؛ فغالب من روى عنه إما تابعي من الطبقة الرابعة، أو من عاصروهم من الطبقة الخامسة، مثل: عاصم بن سليمان الأحول [ت (١٤٠)، من الرابعة]،

<<  <  ج: ص:  >  >>