للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان ضلال الصوفية في تقسيمهم للتوحيد باعتبار الموحدين]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإذا عرف أن توحيد الإلهية هو التوحيد الذي أرسلت به الرسل وأنزلت به الكتب -كما تقدمت إليه الإشارة- فلا يلتفت إلى قول من قسم التوحيد إلى ثلاثة أنواع، وجعل هذا النوع توحيد العامة، والنوع الثاني: توحيد الخاصة، وهو الذي يثبت بالحقائق، والنوع الثالث: توحيد قائم بالقدم، وهو توحيد خاصة الخاصة].

هذا كله من توهيمات الصوفية وألغازهم ودجلهم وتلبيسهم على الناس، فتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام على هذا النحو من تلبيس المتصوفة والفلاسفة الذين ورثوا الفلسفات الهندية واليونانية وغيرها وأرادوا أن يلبسوها لباس الإسلام، فلو نظرنا إلى أنواع هذا التوحيد عند الصوفية في كتبهم لوجدناها تؤدي إلى الإلحاد، فتوحيد العوام عندهم وتوحيد السذج الذي لا يأبهون به هو توحيد الأنبياء والصالحين وعباد الله الذين هم في قمة العبودية، فهؤلاء عند الصوفية عوام، وكل ما جاء عن الله تعالى عن طريق الأنبياء من الوحي والشرائع والكتب والأوامر والنواهي والتوحيد يعتبرونه من توحيد العوام، وهذا مسطور في كتبهم، بمعنى أنهم قلبوا المفاهيم تماماً، فجعلوا الإلحاد هو قمة التوحيد وجعلوا التوحيد، هو قمة الشرك.

والتوحيد الثاني عندهم توحيد الخاصة، ويقصدون به توحيد المعرفة والإثبات الذي هو توحيد الربوبية، أي: إثبات توحيد الله تعالى بالحقائق الكونية أو بالحقائق النفسية أو بالأدلة العقلية.

والتوحيد الثالث عندهم -أي: عند الصوفية- توحيد خاصة الخاصة، وهو توحيد الفناء أو الفيض أو الإشراق أو الوحدة أو الحلول أو الاتحاد، وكلها تؤدي إلى الإلحاد؛ لذلك يزعمون أن أئمة الكفر في قمة التوحيد، وهذا موجود في كتب الصوفية، ومن أراد أن نطلعه على ذلك أطلعناه، ولكن العافية له في ترك ذلك، فهم يقولون: إبليس في قمة التوحيد؛ لأنه أبى أن يسجد لغير الله، ويقولون: فرعون في قمة التوحيد، لكنه تهور وأظهر الحقيقة، فأخطأ بتهوره حينما قال: أنا ربكم.

لكنه في قمة التوحيد، حتى إن ابن عربي بث هذا في كتبه، وله رسالة موجودة اسمها (إيمان فرعون)، يقول: فرعون في قمة الإيمان، لكنه تهور حينما أظهر هذه الحقيقة للعوام، يعني: موسى وأتباعه، نسأل الله العافية، ولذلك فعند الصوفية من وصل إلى توحيد خاصة الخاصة لابد من أن يهلوس، كـ الحلاج مثلاً، لما وصل إلى هذه المنزلة قال: أنا الله، ونوقش، وقام له طائفة من السلف يقنعونه ويقيمون عليه الحجة ويتثبتون من عقله هل هو عاقل أم لا، حتى ثبت أنه عاقل؛ لأنه مصر، فحكموا عليه، وأمهلوه مدة طويلة فأبى إلا أن يقول: أنا الله، إلى أن جاءوا إليه وهو أمام الخشبة ليقتل يقولون: تب إلى ربك، تب إلى الله، فيقول: ما في الجبة إلا الله، كأنه كان لابساً الجبة، وكان أتباعه حوله يظنون أن السيف لن يناله ولن يموت، فلما سال دمه في الأرض وتلطخت ثياب بعضهم به صعقوا، واستغربوا كيف انفكت رقبته عن جسمه؟! إذ ما كانوا يظنون أن هذا يحدث.

إذاً: فالصوفية بلية من البلايا، وهي خط من خطوط الزندقة، بل أصبحت زبالة كل فكرة فاسدة وكل إلحاد؛ لأنها انصبت فيها جميع المذاهب الموروثة عن الأمم الضالة، فنجد مظاهر الديانة الهندوسية موجودة في بعض طرق الصوفية، ونجد مظاهر الديانة المجوسية موجودة في طرق أخرى، ونجد الديانة الباطنية الشيعية الرافضية الموروثة عن المجوس موجودة في بعض الطرق الصوفية، ونجد الفلسفات الإغريقية والفلسفات اليونانية موجودة في الصوفية.

فما من فلسفة وكفر وإلحاد إلا ويوجد له في الصوفية طرق ومذاهب واتجاهات، والصوفية اتجاهات كثيرة.