[بيان درجة الزيادة على ما ثبت عن رسول الله من نوافل العبادة في الأفضلية]
السؤال
يروى عن بعض السلف أن الواحد منهم كان يصلي في الليل أكثر من ثلاثمائة ركعة، وقد يقرأ القرآن في اليوم مرتين، فهل لمثل هذا العمل أثر في الولاية، أم ينبغي للإنسان المحافظة على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الجواب
السؤال تضمن الجواب، فلاشك أنه ينبغي أن يحافظ على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وما اجتمع عليه أصحابه من الاعتدال في العبادة وفي كل شيء، ومن ذلك الصلوات وقراءة القرآن والقيام والصيام، وقد يكون بعض الناس عنده ميل إلى الزيادة في بعض العبادات، وربما يكون عنده من الظروف ما يجعله يعمل ببعض العبادات نظراً لأنه -مثلاً- قد لا يقدر على الكسب، أو في بعض أمور حياته يحتاج إلى إشغال وقته بمزيد من الطاعات، فهذه أمور خاصة، لكن الإنسان السوي المعتدل ينبغي أن يوازن بين أموره في دينه ودنياه.
فلا بد أن يسهم في أمور الدنيا بما ينفع الأمة، كما أنه ينبغي أن يأخذ من العبادة بالقدر الكافي الذي يوافق سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذا نجد أن عامة الصحابة كانوا على الاعتدال، لكن قد يوجد إنسان عنده مزيد من الوقت والفراغ لأمر معذور فيه، فقد يكون من المعذورين في الجهاد، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو نحو ذلك، فإذا كان عنده شيء من هذا مما يقعده أو يعجزه عن أن يقوم بواجباته التي تقوم بها حياة الأمة؛ فقد يعذر في شغل وقته بالعبادة من صيام أو قيام أو قراءة قرآن أو لزوم صلاة أكثر مما هو معهود في السنة؛ لأنه ما دام لم يتعبد بذلك ولم يوجبه على الآخرين، وإنما أراد مجرد التطوع والنافلة؛ فهذا لا حرج عليه.
أما الإنسان السوي الذي عنده من المواهب والقدرات ما يستطيع أن يعمل به لدينه ودنياه؛ فيجب أن يوازن بين الأمرين، ولذلك نجد أفاضل الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم من أهل الاعتدال والاستقامة كان عندهم شيء من الموازنة بين الأمور، والله أعلم.