ابن حزم رحمه الله له مقولة تشبه مقولة الجهمية في الأسماء والصفات، وذلك أنه يرى أن الأسماء أعيان لا تدل على صفة، ولا يشتق منها صفة، وهذا هو مؤدى قول الجهمية، وهو يؤدي بالإلزام -لا بالالتزام- إلى التعطيل؛ لأن الأسماء التي لا يفهم منها صفات إنما هي مجرد أسماء في الأذهان، وهذه لا يمكن أن تؤدي إلى وصف الكمال لله سبحانه وتعالى منطقياً، وإن كان ابن حزم يفلسف الأمر ويزعم بأنها أسماء لله تعالى، لكنه يقول بأن الأسماء والصفات لا نتعدى ألفاظها ولا نستمد منها معاني أبداً، فنقف عند الاسم ولا نستمد منه صفة، ونقف عند لفظة الصفة ولا نستمد منها معنى، فهو يرى الوقوف على الألفاظ بما يؤدي إلى إلغاء المفهوم الضروري عند العقول السليمة والفطر المستقيمة.
وقوله قريب من قول المفوضة، لكنه لا يقول بلوازم قول المفوضة، بمعنى أنه لا يلغي معاني الألفاظ، بل يثبت معاني الألفاظ لكنه يجمدها ولا يخرجها عن حروف النص، حتى اللوازم التي تلزم عقلاً وتفهم من أسماء الله تعالى أو من صفاته لا يقول بها، فلذلك قيل بأنه جهمي، بل قال بعضهم: إن قوله أشد من قول الجهمية.
ومع ذلك لا يمكن أن يقال بأنه جهمي لجلالة علمه وعظيم قدره وحرصه على السنة.