للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تكليم الله لعباده وعلاقة ذلك برؤيتهم له]

السؤال

قلت في معرض الكلام عن الرؤية: إنها مصاحبة للكلام، فهل هذا يكون دائماً؟

الجواب

الله أعلم، لكن أنواع الرؤية التي وردت في الشرع مقرونة بالكلام، ولذلك لما كلم الله موسى طمع موسى في الرؤية، والأنبياء يعرفون العقيدة جملة وتفصيلاً، لا كما يظن بعض الهلكى من المتصوفة والمفكرين؛ فالأنبياء يعرفون العقيدة جملة وتفصيلاً، وهم أعرف الناس بربهم، فلذلك لما كلم الله موسى طمع موسى عليه السلام في أمر كان يعرف أنه يصاحب التكليم، وهو الرؤية، وإلا لما كان لموسى أن يسأل أمراً لا يجوز السؤال عنه، فموسى عليه السلام كان يعرف أن الكلام قد يصاحبه رؤية، وأن من كلمه الله فيمكن أن يرى ربه، فلذلك طمع فطلب رؤية الله تعالى، فقال الله له: {لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} [الأعراف:١٤٣] إلى آخر الآية، بمعنى: أنك لا تقدر على ذلك في هذه الدنيا.

والنصوص التي ورد فيها التكليم في المحشر ورد فيها ما يدل على الرؤية، وكذلك ورد أن المؤمنين حينما يرون ربهم في الجنة يوم القيامة -نسأل الله أن يجعلنا جميعاً منهم، وأن نرى ربنا ونتنعم بهذه الرؤية- يكلمونه ويكلمهم سبحانه وتعالى على ما يليق بجلاله، أما أن يكون ذلك أمراً مطرداً فالله أعلم، بل ورد -التكليم كما في قصة موسى- في الدنيا بلا رؤية، ولذلك فالذين نفوا الرؤية العينية من السلف استدلوا بمثل هذا الدليل، فقالوا: لو جازت الرؤية لجازت لكليم الله تعالى وقد كلمه ربه في الدنيا، أما ولم يكن ذلك مع وجود التكليم؛ فهذا دليل على أن الرؤية بالعين مستحيلة، أما الرؤية القلبية فهي رؤية بمعنى آخر الله أعلم بها.