للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجه الجمع بين مراتب القدر الأربع وبين كون الدعاء يرد القدر]

السؤال

كيف نجمع بين قولنا: إن مراتب القدر أربع: العلم، والكتابة، والمشيئة، والخلق، وبين أن الدعاء يرد القدر؟ وهل يقال: إن الملك عندما يؤمر عند خلق الإنسان بكتب رزقه وعمله وشقي أم سعيد، كل هذا لا يكتب في اللوح المحفوظ، بل يكتب في مكان آخر، فإذا دعا أزيل عنه ما كتب له؟ فهل هذا صحيح؟

الجواب

أولاً: الدعاء لا يرد ما كتب في اللوح المحفوظ، الدعاء يرد الأقدار الجزئية الأخرى، ما كتب في صحيفة الإنسان عند نفخ الروح فيه بعد (١٢٠) يوماً من خلقه، إذا نفخت فيه روحه وكتبت عليه القضايا الأربع: رزقه، وأجله، وموته، وشقاوته أو سعادته، هذه الأمور لا ينفع فيها الدعاء، إنما ينفع الدعاء في رد بعض الأقدار الجزئية أو جلبها، هذا هو الظاهر من النصوص.

ثانياً: أن ما يقدره الله عز وجل مع كونه عز وجل يمحو ما يشاء ويثبت هذا لا يتعارض مع الكتابة الأولى، فالمحو والإثبات إنما فيه دليل على عموم مشيئة الله عز وجل، وأن الله فعّال لما يريد.

واختلف أهل العلم هل المحو والإثبات في الكتابة الأصلية الأولى؟ الراجح أن المحو والإثبات في الكتابات الجزئية؛ لأن الكتابات مراحل: منها: الكتابة القدرية العامة الكبرى التي قدر الله بها جميع أحكام الخلائق، فهذه كتابة عامة.

ومنها: ما هو دون ذلك ككتابة الصحيفة، الكتابة السنوية التي يقدرها الله عز وجل في ليلة القدر وغير ذلك، فهذه كتابات جزئية.

فالمحو والإثبات إذا كان في الكتابة الأصلية فهو راجع إلى قدرة الله عز وجل وتقديره، وأن الله يعلم أن هذا سيكون، فلا يتعارض مع كتابته وتقديره وخلقه، وإذا كان المحو والإثبات في الصحائف التي دون الصحيفة الكبرى أو الكتابة الأولى، فهذا يعني: أن الله عز وجل يقدر في النهاية ما كتبه في الأول، وهو الراجح.

المهم أن مراتب القدر باقية على ما هي عليه: العلم، والكتابة، علم الله عز وجل من عباده ما سيكون منهم فكتب الكتابة المستقرة على ما علمه منهم، وما دون ذلك من كتابات قد يكون فيه المحو والإثبات، والله أعلم.