قال رحمه الله تعالى: [قوله: (والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق)].
المقصود هنا الميثاق الذي أخذه الله على عباده حين خلق آدم، وهو التوحيد الذي ميز به أهل الجنة وأهل النار.
وسيأتي الخلاف -كما سيذكره الشارح- في مفهوم الميثاق، هل هو ميثاق فعلي على نحو ما ورد في الحديث إذا ثبت الحديث أم على خلاف ذلك؟ والحديث ثابت، وفيه أن الله عز وجل أخذ الميثاق من بني آدم من ظهره في أول الخلق وأنطقهم وأشهدهم على أنفسهم وشهدوا، وأن هذا الميثاق بقيت معالمه في الفطرة والعقل السليم وفي اتباع الوحي وفي دلائل خلق الله عز وجل، وعلى هذا فالميثاق على نوعين: ميثاق فعلي أخذه الله عز وجل بالاستنطاق، وهو الميثاق الأول الذي ورد في الحديث الذي سيأتي.
ثم الميثاق الآخر، وهو امتداد للأول وأثر لمكانه، ويكون بإقامة دلائل الفطرة ودلائل العقل ودلائل الخلق الدالة على الله عز وجل، وبدلائل الوحي، وبالحجة، وبالرسل، وبالكتب المنزلة، وبالبراهين الشرعية والكونية.
قال رحمه الله تعالى: [قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}[الأعراف:١٧٢] يخبر سبحانه أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم، وأنه لا إله إلا هو].