قال رحمه الله تعالى:[وكيف يتكلم في أصول الدين من لا يتلقاه من الكتاب والسنة، وإنما يتلقاه من قول فلان؟! وإذا زعم أنه يأخذه من كتاب الله لا يتلقى تفسير كتاب الله من أحاديث الرسول، ولا ينظر فيها، ولا فيما قاله الصحابة والتابعون لهم بإحسان، المنقول إلينا عن الثقات النقلة، الذين تخيرهم النقاد، فإنهم لم ينقلوا نظم القرآن وحده، بل نقلوا نظمه ومعناه، ولا كانوا يتعلمون القرآن كما يتعلم الصبيان، بل يتعلمونه بمعانيه، ومن لا يسلك سبيلهم فإنما يتكلم برأيه، ومن يتكلم برأيه وما يظنه دين الله ولم يتلق ذلك من الكتاب والسنة فهو مأثوم وإن أصاب، ومن أخذ من الكتاب والسنة فهو مأجور وإن أخطأ، لكن إن أصاب يضاعف أجره].
هذه الجملة قواعد عند السلف يمكن أن نلخصها هنا على النحو الآتي: أولاً: أن الدين لا يتلقى إلا من الكتاب والسنة، وأنه لا يتلقى عن الأشخاص وعن الناس.
ثانياً: تفسير معاني النصوص إنما يتلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
ثالثاً: أنه لا يعتمد في الدين من المنقول إلا ما نقل عن الثقات.
رابعاً: أن السلف لم ينقلوا نص القرآن واحده، إنما نقلوا نصه وتفسيره نظمه ومعناه، وجعلوه مصدراً من مصادر تلقي الدين في نظمه ومعناه.
خامساً: أن من لم يسلك في هذه الأصول سبيل السلف فإنما يتكلم في الدين برأيه.
سادساً: من تكلم برأيه في الدين فإنه آثم وإن أصاب، ومن أخذ بالكتاب والسنة -يعني: عن اجتهاد سائغ- فهو مأجور وإن أخطأ.