[ذكر الأحاديث الدالة على أخذ ذرية آدم من ظهره وإشهادهم]
قال رحمه الله تعالى:[وقد وردت أحاديث في أخذ الذرية من صلب آدم عليه السلام، وتمييزهم إلى أصحاب اليمين وإلى أصحاب الشمال، وفي بعضها الإشهاد عليهم بأن الله ربهم].
أخذ الذرية وتمييزهم إلى أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، إلى أهل الجنة وأهل النار أمر ثابت لا صلة له بمسألة الميثاق إلا من بعض الوجوه، وأعني: أن عندنا في هذه النصوص مسألتين: مسألة أخذ الميثاق، ومسألة أخذ الذرية من ظهر آدم وتمييز أهل الجنة أهل الهداية عن أهل النار أهل الضلالة.
وهذه مسألة مستقلة وردت في نصوص كثيرة، وهي ثابتة قطعاً، ولا خلاف في نوعها ولا كيفيتها؛ لأنها أمر غيبي، فتثبت على هذا النحو كما جاءت بلا تأول.
النوع الآخر الذي ورد في هذه النصوص هو أخذ الذرية من ظهر آدم ثم إشهادهم على أنفسهم، وهذه مسألة أخرى وهي المسماة بالميثاق.
والنصوص اختلط فيها هذا بذاك، وما سيورده الشارح من إشكالات ليس على أخذ الذرية من ظهر آدم ثم تمييز أهل الضلالة من أهل الهداية، وتمييز أهل الجنة من أهل النار؛ فليس الإشكال على هذا؛ لأن هذا ثابت بنصوص كثيرة، إنما الإشكال على الميثاق ما هو؟ وما كيفيته؟ وما المقصود به؟ والصحيح الذي يترجح أن أخذ الميثاق يشمل النوعين: يشمل أخذ الميثاق الفعلي بالإشهاد والاستنطاق في أول الخلق، ويشمل أخذ الميثاق ببقاء معالم هذا الميثاق في الفطرة السليمة والعقل السليم والبراهين على وجود الله عز وجل وعلى ربوبيته وإلهيته، وإقامة الحجة على الخلق بالأدلة الكونية والشرعية.