[بيان حال حديث أبي هريرة في امتناع زيادة الإيمان ونقصانه]
قال رحمه الله تعالى: [وأما ما رواه الفقيه أبو الليث السمرقندي رحمه الله في تفسيره عند هذه الآية، فقال: حدثنا الفقيه، قال: حدثنا محمد بن الفضل وأبو القاسم الساباذي قالا: حدثنا فارس بن مردويه قال: حدثنا محمد بن الفضل بن العابد قال: حدثنا يحيي بن عيسى قال: حدثنا أبو مطيع عن حماد بن سلمة عن أبي المهزم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء وفد ثقيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! الإيمان يزيد وينقص؟ فقال:(لا، الإيمان مكمل في القلب زيادته ونقصانه كفر)].
هذا الحديث لا يصح كما قال أهل العلم.
قال رحمه الله تعالى:[فقد سئل شيخنا الشيخ عماد الدين ابن كثير رحمه الله عن هذا الحديث فأجاب بأن الإسناد من أبي ليث إلى أبي مطيع مجهولون لا يعرفون في شيء من كتب التواريخ المشهورة، وأما أبو مطيع فهو: الحكم بن عبد الله بن مسلمة البلخي ضعفه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعمرو بن علي الفلاس، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، وأبو حاتم الرازي، وأبو حاتم محمد بن حبان البستي، والعقيلي، وابن عدي، والدارقطني وغيرهم، وأما أبو المهزم الراوي عن أبي هريرة -وقد تصحف على الكتاب، واسمه: يزيد بن سفيان - فقد ضعفه أيضاً غير واحد، وتركه شعبة بن الحجاج، وقال النسائي: متروك، وقد اتهمه شعبة بالوضع حيث قال: لو أعطوه فلسين لحدثهم سبعين حديثاً!].
إذاً: الحديث لا دليل فيه، ولا يصح الاستدلال به، ولا تكون به حجة للمرجئة، ومتنه تظهر عليه علامة الوضع، فالمتن مركب تماماً على عقيدة المرجئة التي ما ظهرت إلا في آخر القرن الأول، فهو مركب تركيباً يناسب عقيدة المرجئة في القول بعدم زيادة الإيمان ونقصانه، وقول طائفة منهم ومن المتكلمين بأن نقص الإيمان يعني الكفر، يعني: إذا نقص اختل كله، وهذا لا يستقيم مع النصوص الشرعية في الكتاب والسنة ولا مع ما أجمع عليه السلف، ولا مع قواعد الشرع المعروفة في مسائل التكفير.
إذاً: فعلامات الوضع على متن الحديث واضحة جداً، وقد كفينا في موضوعه والحديث عنه من قبل أهل العلم؛ لأن السند لا يصح أبداً.