[ذكر بعض الصور الداخلة في التنجيم والسحر والكهانة]
هناك بعض الصور تدخل في التنجيم والسحر والكهانة، وبعض الناس قد لا يرى هذه الصور من السحر والكهانة والعرافة والدجل.
فمثلاً: من صور الدجل ما ذكره الشيخ في الشرح ولا نعيده، لكن من الصور أيضاً ما يسمى بصب الرصاص، هذا موجود إلى وقت قريب، وربما يوجد الآن في بعض البلاد يفتن به العامة، يزعمون أن بعض الناس ممن يعالج بالأدوية الشعبية أنه من الوسائل التي يتعرف بها على العائن، أو على الساحر، فيقوم الكاهن أو المشعوذ بصب الرصاص في إناء، ويجعله قريباً من المريض على شكل معين، ويدعي أن صورة العائن أو صورة الساحر تظهر في الرصاص الموجود في الإناء.
ولا شك أن إظهار صورة الساحر أو العائن في الرصاص يكون عن طريق الجن، وقد يكون حقيقة، لكن بواسطة مخلوق غيبي، فمن هنا وقع المحظور، بعض الناس يقول: هذا ليس فيه شيء، نقول: لا؛ لأنك استعملت وسائل غير مشروعة لإخراج أو إظهار الأمور الغيبية، فهذه الكهانة بعينها، فتفسيرها بالتفسيرات الموهمة أو المضللة لا يعني أنها حلال، وفي هذه الأيام كثير من العوام يعتقد أن صب الرصاص لا شيء فيه، يعني: تجد الواحد منهم يرى أن الذهاب إلى كاهن معلن بالكهانة أو ساحر معلن بالسحر حرام وكفر، لكن يستبيح الذهاب إلى الذي يصب الرصاص، وهو دجال من الدجاجلة، وما هو إلا كاهن، والكهانة من السحر.
كذلك من الصور: استعمال الرقى والعزائم غير الشرعية.
هذا نوع من الدجل؛ لأن فيها يتم استخدام الجن عمداً، لكن كما قلت إذا خدم الجن الإنسان دون أن يتعمد فهذا من فضل الله عز وجل، بشرط ألا يكون هذا عادة، لأنه ربما يكون هذا من باب الابتلاء والاستدراج، لكن أن يتعمد الإنسان استخدام الجن فهذا نوع من الاستعانة بالجن من ناحية، وهو حرام، ونوع من سيطرة الجن على الإنس، وهذا هو الاستمتاع المنهي عنه ما بين الإنس والجن، وذلك بأن يفيدك الجني بمكان السحر، أو يفيدك بمعرفة العائن أو الساحر، أو بأي نوع من أنواع الإفادة، فإذا وصل الأمر إلى حد إدمان الاستعانة بالجن، والاستمتاع بمواهبهم وقدراتهم في عقد أو عهد أو وعد، فإن هذا ممنوع.
أما ما حدث من السلف ولا يزال يحدث من كثير من الصالحين أن الجن يعينون الإنسان بدون ما يكون بينه وبينهم عقد ولا عهد فهذا أمر كما قلت أحياناً يكون من باب الكرامة، وقد يكون من باب الابتلاء، فلذلك إذا كثر عند القارئ أو الراقي الاستعانة بالجن أو معاونة الجن له وتعلقهم به، فهذا نوع من الاستخدام غير المشروع، فليتنبه.
ومن أتى عرافاً فإنه لا بد أن يصلي ويؤمر بالصلاة، لأنه أولاً ممن يجب أن يشرع بالتوبة فيتوب، فإذا تاب تاب الله عليه.
الأمر الثاني: من أحاديث الوعيد: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) فهذا من أحاديث الوعيد لا يعني ضرورة تحققها؛ لأن الله عز وجل قد يغفر له، وقد يوفق لصلاته فيتوب، وأيضاً ربما يبقى له أصل سقوط الفرض عنه وبقاء الإسلام ولو لم تقبل الصلاة، فإن الصلاة قد لا تقبل، لكن يسقط بها الفرض ويكون مسلماً، فما دام على الإسلام نلزمه بالصلاة، فينبغي ألا نسقط إقامة الصلاة عليه ولو لم تقبل منه، فرق بين القبول وبين مجرد إقامة الصلاة، وكذلك قد يبقى له أصل الإسلام وإن لم تقبل منه الصلاة.
كذلك من الصور: بعض الناس عنده نوع من الهسترة، أو ما يسمونهم بعقلاء المجانين أو مجانين العقلاء، هناك فئة من الناس يكون عندها نوع من الاضطراب النفسي أو العقلي، هذا النوع يكون فيه جني، فيطلع الناس ويخبرهم بما لم يدركوه، وهذا حدث.
فأنا أعرف بعض المجانين أو أشباه المجانين، أحياناً تأتيه حالة يخبرك عن شيء بينك وبينه عدة كيلو مترات، فيكون حقيقة، فينبغي للناس ألا يستفزوه لمثل هذه الأمور، ولا يستفيدوا منه أو يستنطقوه؛ لأن هذا نوع من استخدام الجن، فهو ممسوس أو عنده خلل في عقله، فلا يجوز للناس أن يستفيدوا من هذه الخصلة فيه في اكتشاف الغائب؛ لأنه نوع من الدجل، بعض الناس يتلهى بهذا ويتلذذ.
وأنا أعرف طالب علم تعرف على نوع من هذا الفئة، فوجد عنده بعض الأخبار، ففتن به، فهو دائماً يبحث عنه ويبدأ يستشيره وكأنه من النوع الموهوب، لكن عنده اضطراب، فإذا استشاره بدأ هذا الممسوس يهذي بأمور، ويخبر بأشياء هي عن طريق الجن، بل صار هذا الطالب يدمن استشارة هذا الممسوس، حتى إنه كشف من خلاله أشياء كثيرة.
فينبغي لمثل هذا أن يخوف بالله عز وجل، ويوضح له أنه نوع من أنواع الدجل، سواء كانت بعض الأخبار مفيدة؛ لأن الجني يعلم ما لا يعلمه الإنسي، وقد تحجب عن الإنس أشياء لا تحجب عن الجن، فلا تعتبر هذا كرامة لك، أو أنه من الأمور المباحة أو الجائزة، بل العكس، فهذا من أبواب الفتنة التي تحدث عند بعض الناس، وهو نوع من الدجل.
أيضاً من أنواع الدجل والسحر ما يسمى بالزار هذا يوجد عند بعض الجهلة، الذين يكونون غالباً من أصحاب اللهو والعبث والرقص والأغاني وغيرها، فهؤلاء في الغالب تستحوذ عليهم الشياطين، وبعضهم يكون بينه وبين الشياطين عقود لدفع ضر أو جلب نفع أو نحو ذلك، فهذه