قال رحمه الله تعالى: [واختلف العلماء: هل القلم أول المخلوقات أو العرش؟ على قولين، ذكرهما الحافظ أبو العلاء الهمذاني، أصحهما: أن العرش قبل القلم؛ لما ثبت في الصحيح من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء).
فهذا صريح أن التقدير وقع بعد خلق العرش، والتقدير وقع عند أول خلق القلم؛ لحديث عبادة هذا.
ولا يخلو قوله:(أول ما خلق الله القلم) إما أن يكون جملة أو جملتين، فإن كان جملة -وهو الصحيح- كان معناه: أنه عند أول خلقه قال له: (اكتب)، كما في اللفظ:(أولَّ ما خلق الله القلمَ قال له: اكتب) بنصب (أول) و (القلم)، وإن كان جملتين، وهو مروي برفع (أول) و (القلم) فيتعين حمله على أنه أول المخلوقات من هذا العالم، فيتفق الحديثان؛ إذ حديث عبد الله بن عمرو صريح في أن العرش سابق على التقدير، والتقدير مقارن لخلق القلم، وفي اللفظ الآخر:(لما خلق الله القلم قال له: اكتب)].