للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفصيل الإثبات وإجمال النفي قاعدة قرآنية خالفها أهل الكلام]

قال رحمه الله تعالى: [ولهذا يأتي الإثبات للصفات في كتاب الله مفصلاً، والنفي مجملاً، عكس طريقة أهل الكلام المذموم، فإنهم يأتون بالنفي المفصل والإثبات المجمل].

طريقة السلف -كما هو معروف- إثبات صفات الله تعالى كما وردت في القرآن والسنة على جهة التفصيل، بمعنى: أن عدد مفردات صفات الله تعالى وأسمائه الواردة في الكتاب والسنة كثيرة جداً، فمثلاً: ورد لأسماء الله تعالى أكثر من تسعة وتسعين، وورد في صفات الله ما هو أكثر من ذلك.

إذاً: فإثبات الصفات لله تعالى ورد على جهة التفصيل في الكتاب السنة، فالإشارة إلى العلم والقدرة والقوة والحياة والقيومية وغير ذلك جاءت تفصيلاً.

لكن النفي -أي: نفي النقائص- جاء مجملاً؛ لأن الإجمال في نفي المعايب يدخل فيه جميع المعايب.

وذكر المعايب بنفيها عن الله تعالى تفصيلاً يعتبر إساءة أدب مع الله سبحانه وتعالى؛ لأنه لا يليق في معرض نفي النقائص عن الله تعالى أن نعدد النقائص، إنما تنفى إجمالاً، وهذا هو مقتضى الأدب كما سيأتي في المثال الذي سيضربه الشارح.

إذاً: فأهل السنة والجماعة هم على ما جاء في الكتاب والسنة، يثبتون ما أثبته الله تعالى وما أثبته رسوله صلى الله عليه وسلم لله من أسماء وصفات تفصيلاً؛ لأنها وردت مفصلة، لكنهم ينفون نفياً مجملاً، لذلك لو قارنا بين عدد مفردات الأسماء والصفات مع عدد العبارات التي ورد فيها نفي النقائص لوجدنا أن نفي النقائص قليل؛ لأنه إجمالي، كنفي السنة والنوم، ونفي اللغوب، ونفي الولد والوالد ونحو ذلك؛ لأن الكلمة الواحدة في النفي تكفي في نفي جميع النقائص، كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:١١].

قال رحمه الله تعالى: [ولهذا يأتي الإثبات للصفات في كتاب الله مفصلاً والنفي مجملاً، عكس طريقة أهل الكلام المذموم فإنهم يأتون بالنفي المفصل والإثبات المجمل].

يعني بالإثبات المجمل أنهم عندما يتكلمون عن صفات الله تعالى يزعمون أنهم يتورعون عن وصف الله تعالى باليد والوجه والفوقية والعلو والنزول والاستواء، ويصفون الله بصفات مجملة للكمال والتنزيه والتقديس، وهذا حق، لكنهم تورعوا عن الحق أيضاً فوقعوا في النفي والتعطيل أو التأويل.

فلذلك لم يثبتوا ما أثبته الله، إنما كان إثباتهم في صفات الله تعالى مجملاً، وعند التفصيل ينكرون أو يؤولون، في حين أنا نجد أنهم إذا نفوا عن الله تعالى النقائص ينفون على جهة التفصيل على وجه تشمئز منه النفس، كما سيأتي.