للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التبرك والبركة]

هناك مسألة تختلط بالتوسل، وهي مسألة التبرك، فقد توسع الناس في مفهوم التبرك خاصة أهل البدع، فأدخلوا بالتبرك الشفاعة الممنوعة، وأدخلوا بالتبرك التوسل الممنوع والتوسل البدعي والتوسل الشركي.

وأيضاً توسعوا في باب التبرك حتى جعلوا البركة فيما لا بركة فيه، وجعلوا البركة مما لم يبارك الله فيه، وطلبوا البركة مما لم يثبت شرعاً أن فيه بركة، فتوسعوا في التبرك بأكثر مما ورد في النص.

فالبركة لا تكون إلا من الله عز وجل، يجعلها فيما يشاء من خلقه، فتكون في الزمان، وتكون في الأشخاص، وتكون في المكان، لكن كل ذلك لا بد من أن يثبت بالشرع، فعلى هذا لا تثبت البركة لشيء ولا لشخص ولا لمخلوق إلا بدليل، وما لم يرد الدليل بأنه مبارك فلا يجوز أن تلتمس منه البركة.

ثم إن الأشياء المباركة على نوعين: فهناك أشياء مباركة تتعدى بركتها، كماء زمزم.

وهناك أشياء مباركة في نفسها لا تتعدى بركتها.

والبركة في الأشياء هي ثبوت الخير ولزومه لهذا الشيء، أو زيادته وكثرة الخير فيه، أما الزيادة وكثرة الخير فهي البركة المتعددة، أما الثبوت واللزوم فهي البركة اللازمة.

والبركة تكون في الأزمان، وتكون في الأمكنة، وتكون في الأشخاص، وتكون في الأشياء وفي الأفعال.

أما البركة في الأزمنة فكبركة شهر رمضان، وبركة ليلة القدر، وليالي رمضان، والعشر الأواخر، وكبركة عشر ذي الحجة، وبركة يوم عرفة، والأشهر الحرم، ويوم الجمعة ونحو ذلك مما وردت البركة فيه، أما في الأمكنة فكالمساجد الثلاثة، فهي مباركة.

وأما في الأشخاص فهناك بركة لازمة وبركة متعدية، أما البركة المتعدية فليس لأحد بركة متعدية تلتمس إلا شخص النبي صلى الله عليه وسلم، أما بقية الأشخاص فإن في المؤمنين منهم بركة، لكن بركتهم لهم لا تتعدى غيرهم، إلا بما شرع، كتعدي البركة بالدعاء، فهذا أمر آخر.

وقد تثبت البركة أيضاً في بعض الأشياء أو بعض الأمور، كالبركة في نواصي الخيل، وبركة السحور، ونحو ذلك من الأمور التي وردت فيها بركة، وهي بركة مفسرة ومعلومة عند أهل الإيمان، كما أن البركة ثبتت في ماء زمرم؛ لأنها وردت، وهي بركة متعدية.