[استدلال القائلين بفناء النار وانقطاع عذابها بقوله تعالى: (خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك)]
وقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:١٠٧].
قال ابن أبي حاتم: ذكر عن جعفر بن سليمان عن الجريري قال: سمعت أبا نضرة يقول: ينتهي القرآن إلى هذه الآية: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:١٠٧].
وقد روى حرب الكرماني وأبو بكر البيهقي عن أبي سعيد الخدري وعن قتادة في قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود:١٠٦ - ١٠٧] الله أعلم بتثنيته على ما وقعت.
وروى الطبري عن يونس أنبأنا ابن وهب حدثنا ابن زيد في قوله: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود:١٠٧] فقرأ حتى بلغ: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود:١٠٨]، فأخبرنا الذي شاء لأهل الجنة، فقال: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود:١٠٨] ولم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار.
وعن السدي: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود:١٠٧] إن هذه الآية يوم نزلت كانوا يطمعون في الخروج.
قوله: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن:٢٣]، وذكر البغوي عن عبد الرحمن بن زيد أنه قال: قد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بالذي يشاء لأهل الجنة، فقال: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود:١٠٨] ولم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار.
وقد روى علماء السنة والحديث في ذلك آثاراً عن الصحابة والتابعين، مثل ما روى حرب الكرماني، وأبو بكر البيهقي، وأبو جعفر الطبري وغيرهم عن الصحابة في ذلك.
وفي المسند للطبراني: ذكر فيه: (أنه ينبت فيها الجرجير) وحينئذ فيحتج على فنائها بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة، مع أن القائلين ببقائها ليس معهم كتاب ولا سنة ولا أقوال الصحابة.
منها ما رواه حرب والبيهقي، قال حرب الكرماني: سألت إسحاق عن قول الله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ} [هود:١٠٧]، قال: أتت هذه الآية على كل وعيد في القرآن.
قال إسحاق: حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا معتمر بن سليمان قال: قال لي أبي: حدثنا أبو نضرة عن جابر أو أبي سعيد، أو بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم قال: هذه الآية تأتي على القرآن كله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:١٠٧].
قال المعتمر: قال أبي: عنى كل وعيد في القرآن.
ورواه أبو جعفر بن جرير الطبري في تفسيره قال: حدثنا الحسن بن يحيى أنبأنا عبد الرزاق أنبأنا ابن التيمي عن أبيه عن أبي نضرة عن جابر أو أبي سعيد أو عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم في قوله سبحانه: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:١٠٧]، قال: هذه الآية تأتي على القرآن كله، فيقول: حيث كان في القرآن: {خَالِدِينَ فِيهَا} [هود:١٠٧]، تأتي عليه.
وقال ابن جرير حدثت عن ابن المسيب عمن ذكره عن ابن عباس رضي الله عنهم: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود:١٠٧]، قال: استثنى الله عز وجل، قال: يأمر النار أن تأكلهم.
قال: وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ليأتين على جهنم زمان تخفق أبوابها ليس فيها أحد، وذلك بعدما يلبثون فيها أحقاباً.
وقال: حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا جرير عن بيان عن الشعبي قال: جهنم أسرع الدارين عمراناً، وأسرعهما خراباً.
وقال حرب الكرماني عن إسحاق بن راهوية حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن أبي بلج سمع عمرو بن ميمون يحدث عن عبد الله بن عمرو رضي الله